بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 نيسان 2019 12:01ص إسمع تفرح

حجم الخط
ينطبق على ما تعيشه البلاد هذه الأيام، وما يحصل بين أرباب السلطة، قول المثل الدارج عند كل اللبنانيين والذي يقول «اسمع تفرح جرب تحزن»، وهكذا هو الحال هذه الأيام بحيث نسمع من هؤلاء الأرباب كلاماً جيداً عن التصميم على محاربة الفساد ونسمع ان الحكومة أعدت استراتيجية وطنية لهذه الغاية، لكننا ما نلبث أن نحزن عندما نسمع ان هذه الاستراتيجية لم تقر في مجلس الوزراء لوجود خلاف حولها بين مكونات هذه الحكومة، ونسمع أيضاً أن الحكومة بكل تناقضاتها عازمة على حل مشكلة الكهرباء التي تستنزف خزينة الدولة فضلاً عن كونها مطلباً دولياً شبه عام لمساعدة لبنان على تجاوز مصاعبه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلى استعادة عافيته لكي يلعب دوره، وتحزن عندما تقرأ ما حصل داخل اللجنة الوزارية وما آل إليه الأمر من فشل في إقرار الخطة التي وضعتها الوزارة المختصة لوجود رائحة صفقة ما على حساب المصلحة العامة، ثم تسمع بأن هناك رغبة جامحة عند هؤلاء الوزراء لوضع موازنة تقشـفية تسمح بتخفيض العجز العام، وان هذا التقشف يشمل في ما يشمل خفض رواتب الوزراء والنواب إلى النصف، وإعادة النظر في ملاكات الدولة، بهدف خفض عدد موظفي القطاع العام الذين يشكلون أكبر عبء على خزينة الدولة، لكنك ما تلبث أن تحزن عندما تعرف ان مشروع تعيين نواب حاكم مصرف لبنان لم يدرج على جدول أعمال مجلس الوزراء بسبب استمرار الخلاف بين أرباب السلطة أنفسهم حول توزيع الحصص في ما بينهم، ثم انك تفرح عندما يحال ثلاثة قضاة إلى التأديب لارتكابهم مخالفات تتجاوز حدود السلطة لكنك تعود وتحزن عندما تأتيك الأنباء بأن القرار بحقهم استنسابي، ومبني على حسابات انتخابية أو سياسية، وهكذا دواليك، إلى ان تتوصل إلى قناعة بأن ما يقولونه عن هذه الآفة التي اسمها الفساد والتصميم على محاربتها وتنقية الدولة منها ما هو إلا كلام للتغطية على الفاسد والمفسد الحقيقي الكامن في نفوس أرباب السلطة أنفسهم والذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم من تردٍ بلغ حدوده القصوى التي تُهدّد بالانهيار العام، وعلى حدّ قول بعضهم سقوط الهيكل على رؤوس الجميع، ويقصدون بهذا القول سقوط الدولة أو ما تَبقى منها.
وإذا كان هؤلاء جديّون في محاربة الفساد واجتثاث جذوره، فليبدأوا أولاً بأنفسهم ويبادروا إلى رفع السرية المصرفية عن موجوداتهم في المصارف اللبنانية وغير اللبنانية، ويطبقوا أيضاً قانوني من أين لك هذا والاثراء غير المشروع وقانون محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب الذي أصدره مؤخراً مجلس النواب، وعندها تبدأ فعلاً لا قولاً معركة محاربة الفساد وإعادة الأمور إلى طبيعتها، ويسقط المثل الذي يقول «أسمع كلامك يعجبني أشوف أفعالك أتعجب»، وأيضاً ذلك المثل «اسمع تفرح... جرّب تحزن» وان يوم الاثنين لناظره قريب.