بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 تشرين الأول 2020 12:00ص إطار المفاوضات لترسيم الحدود... تفاءلوا بالخير تجدوه

حجم الخط
بين ليلة وضحاها وبسحر ساحر وبسرعة البرق انقلب المشهد فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل.

اما كيف حدث ذلك، ولماذا حصل هذا التطور، وما الذي استجد في هذا السياق حتى فرضت المستجدات نفسها  واقعاً وسرقت الانظار عن كل ما عداها من تطورات واحداث ومستجدات.

وفيما كانت الانظار تتجه الى سلسلة تراكمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ونقدية وامنية في لبنان، إذ بالرئيس نبيه بري يضع النقاط على الحروف لكي يوضح الصورة المتعلقة بهذا الترسيم بمختلف ابعادها وتشعباتها المحلية والاقليمية والدولية من خلال موافقة لبنان على موضوع الترسيم تحت عنوان وضع اطار بهذا الشأن معللاً الاسباب والدوافع والنتائج التي توصل اليها كمفاوض بارع من قبل الجانب اللبناني مع مختلف الجهات المعنية بهذا الشأن من الاميركيين والاوروبيين والامم المتحدة حتى تم التوصل الى ما اعلنه ابو مصطفى خلال مؤتمره الصحفي امس الاول في عين التينة.

فهل يا ترى ما جرى وما دار من مفاوضات على مدى حقبة طويلة من الزمن مع المعنيين بالشأن التفاوضي المرتبط بترسيم الحدود البرية والبحرية مع لبنان، وقد تبدلت اسماء كثيرة مرات ومرات من دايفيد هيل الى دايفيد ساترفيلد الى دايفيد شينكر اضافة الى المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش وغيرهم يجعل السؤال المطروح بإلحاح من هي تلك القوة او القوى الضاغطة التي امسكت بزمام الامور على صعيد موضوع ترسيم الحدود واستطاعت تفكيك العقد الواحدة تلو الأخرى حتى عبّدت الطريق امام المفاوضات والمفاوضين وصولاً الى ما اعلنه الرئيس بري من بنود مفصلة لإطار المفاوضات والتي تحفظ بالطبع حق لبنان بسيادته على اراضيه ومياهه وثرواته الغازية والنفطية مع التأكيد بعدم المس بكل حقوقه المشروعة، وما تمني الرئيس بري على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كي تباشر شركة توتال الفرنسية البدء بالحفر في البلوك رقم 9 في اقرب فرصة ممكنة الا تأكيد وجزم من قبل الجانب اللبناني باستعداده للتعامل مع ترسيم الحدود بليونة ومرونة، وبالتالي وجوب تنفيذ اسرائيل للقرارات الدولية لا سيما القرار 1701 المرتبط اصلاً بالقرار 425 الصادر عن الامم المتحدة والذي ينص بوضوح على انسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية المحتلة دون قيد او شرط.

انطلاقاً من كل تلك المعطيات فإن منتصف الشهر الجاري لناظره قريب، وهذا الموعد يبدو انه قد تم تحديده للانطلاق بمسار المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي في الناقورة برعاية دولية من الامم المتحدة وبمشاركة الجانب الاميركي كمراقب ووسيط غير منحاز لاسرائيل ولو لمرة واحدة في زمننا المعاصر، حيث من المفترض ان يشارك دايفيد شينكر شخصياً في الجولة الاولى من المفاوضات بعد وصوله الى لبنان الاسبوع القادم.

من هنا، لا بد من الاشارة الى ان الاعلان عن البدء بإطار المفاوضات لم يكن وليد ساعته بالطبع بل ان هناك مساراً طويلاً ومخاضاً استمر لعقد من الزمن بحسب ما اعلن الرئيس بري بهذا الشأن حتى آلت الأمور الى ما آلت اليه حالياً في هذا المجال. وبالتالي كيف يفسر غياب الدول المعنية بالشأن اللبناني بشكل مباشر او غير مباشر كالمملكة العربية السعودية وايران وتركيا وغيرها عن موضوع ترسيم الحدود، وهل ان تلك الدول موافقة ضمناً على هذا الامر، وبالتالي هل اعطت الضوء الاخضر للمعنيين في لبنان بالسير قدماً لوضع اللبنة الاولى او سمي بإطار المفاوضات حول الترسيم، وهل ان الاعلان عن موافقة الولايات المتحدة الاميركية وإرسالها شينكر الى بيروت ليكون على مقربة من الحدث من شأنه ان يكون صورة اوضح عما جرى ويجري وراء الكواليس ووراء الحدود بموضوع لبنان ككل وبترسيم الحدود بشكل خاص.

غريب عجيب امر هذا البلد، فلأيام خلت كان حديث الناس وهاجس الوحيد في لبنان يتعلق بالملفات المتراكمة بدءاً من تعثر مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومعها تشكيل  حكومة جديدة في لبنان مروراً باستمرار التحقيقات الجارية بشأن انفجار المرفأ اضافة الى التخوف من رفع الدعم عن مواد اساسية ومعيشية في لبنان، وايضا موضوع الغلاء الفاحش والبطالة والهجرة المتزايدة وتصاعد الاصابات والوفيات يومياً من جراء انتشار فيروس كورونا، زد على ذلك ازمة المستلزمات الطبية وما تشكله من خطر على وضع الناس والمستشفيات، وعدم اقرار قانون العفو العام كما كان منتظراً.

وإن ننسى فلن ننسى احتجاز اموال المودعين في المصارف اللبنانية ناهيك بالاوضاع الامنية المستجدة مؤخراً خاصة ما شهده الشمال من خلال الكشف عن خلايا ارهابية نائمة كانت تخطط لأعمال اجرامية كبيرة في مختلف المناطق اللبنانية بحيث نجح الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وشعبة المعلومات والحمد لله بالقضاء مرحلياً على بعض هذه الخلايا، على امل ان تتكشف خيوط وأبعاد جديدة عن المخطط الجهمني الذي كان يرسم للبنان وللبنانيين.

وإذا كان موضوع ترسيم الحدود البرية والبحرية قد فرض نفسه حالياً في لبنان فإن وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وحديث الجميع بات ينصب ويتركز خلال هذه الفترة على تسليط الاضواء عليه بانتظار ما ستؤول اليه المفاوضات من نتائج سلباً او ايجاباً على هذا الصعيد، مع الاستفادة من الوقت الضائع الذي يفصلنا عن الانتخابات الاميركية مطلع تشرين الثاني المقبل، وبعد ذلك يخلق الله ما لا تعلمون.

قال لي احد الخبراء الماليين والمصرفيين الأسبوع الماضي حين تسمع انه قد تم البدء بإنطلاق إطار المفاوضات حول ترسيم  الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل وبإشراف دولي ومشاركة الولايات المتحدة الاميركية عندها يمكننا الاعتبار ان تباشير الحلول في لبنان قد انطلقت، وان قطار دعم لبنان قد اطلق صفارته للسير على السكة باتجاه الوصول الى انقاذ لبنان بمساعدة ودعم دولي جامع، من هنا لا بد ان نقول مع انطلاق مسار المفاوضات تفاءلوا بالخير تجدوه.