بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 تشرين الأول 2017 12:49ص إطالة أمد النقاشات العقيمة يحوِّل قانون الإنتخاب الجديد إلى مشكلة بدلاً من أن يكون الحل

لم يبقَ أمام الجميع إلّا التوصُّل إلى آلية متوافق عليها وتجربة الإنتخابات على أساس القانون الجديد

حجم الخط

«لم يتبقَ أمام جميع الأطراف إلا تجاوز كل العقد والصعوبات والتوصل إلى الاتفاق المرتجى، لخوض غمار تجربة اجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس القانون الجديد» 

كاد الوقت الذي تستغرقه اجتماعات اللجنة الوزارية لتطبيق قانون الانتخاب الجديد والاتصالات الجانبية بخصوصه، يقارب ما إستلزمه إنجاز القانون نفسه من مُـدّة زمنية او ما يزيد بقليل في حال استمرت وتيرة مناقشات اللجنة المذكورة على الدوران في الحلقة المفرغة ذاتها، ولم يُبادر كل طرف عن التنازل عمّا يتشبث به ويتقدم خطوة باتجاه الأطراف الآخرين تمهيدا للتوصل إلى اتفاق موحد وجامع حول آلية تنفيذ القانون العتيد لتسريع الخطى والتحضير لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد.
ولعل أهم ما كشفته وقائع النقاشات داخل اجتماعات اللجنة الوزارية المذكورة، ان هناك اطرافا من المندفعين لاعتماد صيغة القانون الجديد أثناء مرحلة اعداده في السابق قد ندمت على تسهيل اقراره والسير فيه حتى النهاية، لأن توقعاتها المرتقبة من نتائجه قد تكون معاكسة تماما لحساباتها وقد ينعكس الأمر على تراجع كبير في حصتها النيابية في المجلس النيابي الجديد. ولذلك تحاول إطالة النقاشات والمطالبة بإجراء تعديلات في آلية التنفيذ لاعتقادها بأن التجاوب معها سيؤدي الى تحسين وضعيتها في الانتخابات المقبلة ويؤدي إلى تسهيل إيصال أكبر عدد من المرشحين المدعومين منها إلى سدة المجلس المنتخب، لأنها تعلم جيدا انه من غير الممكن اجراء أي تعديل أساسي على مضمون قانون الانتخابات الجديد أو حتى الخوض فيه حاليا بمعزل عن تفاهم وطني واسع، وهذا الأمر لا يبدو متوافرا في الوقت الحاضر بعد كل الجهد الذي استغرقه اعداد القانون الجديد في المرحلة السابقة.
ولا بدّ من ترقب مسار مناقشات اللجنة الوزارية ورصد مواقف كل الأطراف من آلية التنفيذ المطروحة، لمعرفة كيفية اتجاه الأمور وكما إذا كانت النوايا سليمة لإزالة العراقيل وتسريع الخطى باتجاه تحقيق التفاهم المرتجى، أو ان يستمر البعض كما يحاول وزير الخارجية جبران باسيل التشبث بمواقفه منفرداً ويرشق الآخرين بمحاولات العرقلة والتعطيل وعقدها يمكن معركة ما يمكن للجنة تحقيقه والقيام به.
وبالرغم من كل المواقف التصعيدية وتبادل تهم العرقلة والتعطيل التي طبعت مواقف العديد من الأطراف ومحاولة الوزير جبران باسيل إلقاء تهم التعطيل على الآخرين، والتعقيدات التي تطبع اجتماعات اللجنة الوزارية المذكورة، الا ان أكثرية الوزراء المشاركين فيها تعتقد بأن التوصّل إلى تفاهم جامع حول آلية التنفيذ للقانون الجديد ليس مستحيلاً، بل هو متاح وستتوصل اللجنة في النهاية إلى الاتفاق المرتجى مهما تصاعدت المواقف من هنا أو هناك لأن الوقت يدهم الجميع ولم يعد بالإمكان الاستمرار في إضاعة الوقت بلا نتيجة والجميع محكوم بسقف التسوية الذي يظلل استمرار التفاهم بين الرئاسات وكبار السياسيين المعنيين والمسألة أصبحت مسألة وقت وليس أكثر ولن يكون التوصّل إلى تفاهم حول آلية التنفيذ اصعب من النقاشات التي استغرقها التوصّل إلى إنجاز القانون نفسه في القسابق.
وبدلاً من ان يُشكّل قانون الانتخاب الجديد الحل لمشكلة قانون الانتخاب السابق او ما يسمى بقانون «الستين» والذي نُعتَ بأبشع الاوصاف وإن كان جسر عبور أكثرية السياسيين الحاليين إلى مواقعهم الحالية، توحي النقاشات والاحاديث السياسية المرافقة بأنه بات يُشكّل مشكلة جديدة لمعظم السياسيين، لأنه مجهول النتائج مسبقاً وتطبيقه أكثر تعقيداً واستقراء لتوقعات السياسيين المرتقبة.
وما دام تعديل قانون الانتخابات الجديد كما طالب وزير الخارجية مباشرة بعد اقراره مرفوضاً من أكثرية الأطراف الأخرى والعودة إلى اعتماد قانون الستين غير ممكن بعد ان طواه الزمن بالرغم من حنين الكثيرين من السياسيين للعودة إليه كما بينت تصرفاتهم وممارساتهم لأنه شبه مضمون النتائج مسبقاً، لم يتبقَ امام جميع الأطراف إلا تجاوز كل العقد والصعوبات والتوصل إلى الاتفاق المرتجى، لخوض غمار تجربة اجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس القانون الجديد، وبعدها يمكن تقييم هذه التجربة ومدى نجاحها والاستمرار فيها أو تعديلها مستقبلاً، والابتعاد عن كل ما يمكن أن يحول القانون الجديد إلى مشكلة لحسابات من هنا أو هناك بدلاً من أن يُشكّل الحل الذي يطالب به كثير من النّاس لمشكلة قانون الانتخاب منذ زمن.