بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2019 12:01ص إعتصامٌ في وجه غدر السياسيين وضد إختلال ميزان العدالة

حجم الخط
يعتصم أهالي وأصدقاء الموقوفين الإسلاميين بعد صلاة يوم الجمعة على وقع فضائح تتوالى فصولُها، وليس دخول العميل المجرم عامر الفاخوري سوى أحد تجلياتها ، لتتسع علامات الإستفهام حول مصير العفو العام وحول إستخدام القضاء العسكري والأجهزة الأمنية للتضييق على هذه الفئة من اللبنانيين ، بينما سعت مواقعُ عليا في السلطة لـ«تنظيف» سجلات عشرات العملاء للعدو الصهيوني.

تتصاعد أصوات الإحتجاج في الوسط السني مع إنكشاف حجم التسهيلات التي تلقاها العملاء الذين عادوا بعد رعاية سياسية وطائفية مستفزة ، بينما تتكشف صفحات الظلم والمعاناة التي يكابدها الموقوفون الإسلاميون مع خروج بعضهم أبرياء بعد توقيف سنوات والأحكام المشدّدة في قضايا مبنية على الشكوك والظنون والإحتمالات..

يستغرب الناشطون في الوسط الإسلامي السكوت على هذا الظلم الفادح الذي تمارسه بعض الأجهزة الأمنية ، وتحديداً مخابرات الجيش من خلال إستمرارها في إستخدام وثائق الإتصال ، خلافاً لقرار مجلس الوزراء الذي قرّر بأنها غير قانونية ، بحيث تبقى أكثر من 11 ألف وثيقة إتصال مسلطة على رقاب المواطنين في طرابلس وبقية المناطق السنية ، وسط صمتِ قبورٍ يمارسه الرؤساء والنواب السنة بشكل معيب.

يستذكر حاملو لواء العفو العفو العام وعود الرئيس سعد الحريري (الإنتخابية) وكيف تبخرت اليوم، مقابل «تهريب» عملاء العدو الإسرائيلي وإسقاط وثائق الإتصال بحقهم ، وهم مستمرون في عمالتهم وخيانتهم وإجرامهم..

ويستهجن الحقوقيون توقيف الدكتور زياد العجوز رئيس مجلس قيادة حركة «الناصريين الأحرار» بموجب وثيقة إتصال وبطريقة خارجة عن القانون ، بينما كان العميل الفاخوري يحظى بإستقبال عسكري على باب الطائرة من ضابط قيل إنه في عداد الحرس الجمهوري..

يستغرب المعنيون ، ومنهم الوزير والنائب السابق معين المرعبي كيف يُترك الناس في قضاياهم الكبرى بدون غطاء ولا مساندة ، مستذكراً مرحلة العمل المشترك مع وزير الداخلية السابق النائب نهاد المشنوق لتطويق الحرائق التي إشتعلت في المناطق السنية ، من عرسال إلى طرابلس ، وكيف تم التعامل مع تلك الأحداث بمسؤولية ومثابرة ، وكيف إستطاع ذلك الفريق أن يمنع كوارث كان يمكن أن تحصد مدننا لو أتيح لها إستكمال مخططاتها.. 

يضع معين المرعبي يده على الجرح عندما يستحضر السلسلة الطويلة من الإنفجارات التي طاولت معاقل السنة ، وما رافقها من إعتقالات عشوائية ظالمة ، وما بذله المشنوق ، وهو لم يكن وزيراً للعدل ، بل قام بالتدخل مع القضاء من موقعه كوزير للداخلية لتقديم معلومات ومعطياتٍ أدت إلى تفكيك الكثير من الأفخاخ الأمنية والإجتماعية..

يتوجه الأهالي والناشطون بعد صلاة الجمعة 20 أيلول الجاري إلى ساحة النور في طرابلس حاملين همومهم ومظالمهم وأوجاعهم وغضبهم ونقمتهم على فقدان العدالة وإنكسار القانون ، وإدانة لرؤساء ونواب خذلوهم مرات ومرات ، وهم يدركون أن هؤلاء الرؤساء والنواب هم أحد أسباب نكبتهم السياسية والإجتماعية والعائلية..

إعتصام الجمعة ليس مجرد تجمعٍ بشريّ ساخط على التهميش والإقصاء والظلم ، ولكنه رسالة في وجه المتخاذلين من السياسيين الذين لحسوا وعودهم وطعنوا ناخبيهم ، ليس في ملف العدالة والقضاء والمحاكم فحسب ، بل إمتد الخذلان والغدر والتخلي إلى كل نواحي الحياة: إجتماعياً وصحياً وتربوياً وإنسانياً..

هنا في طرابلس ترتفع الصرخات من كلّ حدبٍ وصوب بعد تكاثر الصعوبات وإرتفاع منسوب العجز والبطالة ، ليصبح الواقع لوحة سوداء ، يحاول المتوجهون إلى ساحة النور أن يضيئوها ببعض قبساتِ العزيمة والإصرار على المطالبة بالحقوق ، مهما كانت قدرة السياسيين على التملّص واللفّ والدوران.

إعتصام الجمعة ، ليس دعوة لشريحة محدودة من الناس ، بل هو دعوة لكل من طالته يدُ الظلم والفساد والإرهاب والتشويه والإفقار والحرمان.