إنّها ذكرى المولد النبويّ الشريف، ذكرى صاحب الرسالة ومؤدي الأمانة، تحلّ
فرحًا اليوم في صدور كلّ المؤمنين المتنوّرين بِهُدَاه، بعد جرح عميق أصاب قلوب
مليار ونصف المليار مسلم، ضُرب بمشاعرهم عُرض الحائط المسمّى بالحريّة، التي طالما
كانت محلّ جدل وإنكار من قبل "مدّعيها" أنفسهم في حال مسّت بطرف من
أطرافهم. لكن، لحظة، وسؤال.. هل عرفتم محمدًا ﷺ قبل أن تهاجموه؟
هل قرأتم في سيرته العطرة التي لو فهمتموها حقّا لأحببتموه؟ هل تمعّنتم في أخلاقه
الكريمة؟ هل تبحّرتم في جماله الآسر؟
اعلموا
وأجيبونا:
كيف لا نحبُّ
محمدًا ﷺ، وهو الذي خرج
بمولده نور أضاء ما بين المشرق والمغرب؟ فنشأ يتيمًا وعاش صادقًا أمينًا متواضعًا
حنونًا رحيمًا شجاعًا كريمًا، وقد شهد له بذلك العدوّ والصديق، حتى قال فيه ربّه
في القرآن الكريم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم).
كما كان ﷺ صاحب قامة ممشوقة، وطلّة مهيبة، وجمال آسر، وبسمة بدريّة، طيّب
الرائحة ولو لم يمسّ طيب، بل كان عرقه ﷺ كالمسك أو أشدّ طيبًا.
كيف لا نحبّه
وكان من تواضعه ﷺ، يجلس على الأديم (كجلد الخروف)، يخدم نفسه ويرقع ثوبه ويخصف نعله،
ولا يعيب طعامًا قطّ. كان عونًا لأهله حتّى قال (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ
لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)، يُطيّب خاطر زوجاته ويكرمهنّ ويعدل
بينهنّ.
كان الفقراء
أحبابه ﷺ، يساعدهم
ويحادثهم ويجبر خواطرهم، يداعب الأطفال ويمسح رؤوس الأيتام، رحيمًا بالنساء وأوصى
بهنّ خيرًا وقال (لَا تَكْرَهُوا الْبَنَات، فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ
الْغَالِيَاتُ).
فأين أنتم من
حقوق الإنسان والنساء والأطفال، بل والحيوان؟، حيث كان الرسول ﷺ يُميل الإناء
للهرّة ولا يرفعه حتى ترتوي.
ثمّ قولوا لنا،
كيف لا نحبّه وهو الذي حدّث أصحابه عن شوقه لرؤيتنا، فقال ﷺ (مَتَى أَلْقَى
أَحْبَابِي)؟ مفسّرًا لهم بأنّ أحبابه هم قومٌ لم يرَوْه وآمنوا به.
هو ﷺ الذي دعا لنا
باكيًا، رحمةً بنا، يحمدُ الله إن أحسنّا، ويستغفر لنا إن أخطأنا، ويشفع لنا يوم
يقول الناس "نفسي.. نفسي"، فيُنادي "أمّتي.. أمّتي".
كيف لا نحبّه ﷺ، وهو سبب
هدايتنا بالإسلام والقرآن.. كيف لا نحبّه وهو الذي أخرج الدنيا من براثن الظلمات
والشرك والظلم، إلى شعاع النور والتوحيد والعدل، وعلّم الناس بأنّ الخالق لا يشبه
شيئًا من خلقه، لا تحيط به الجهات، وأنّ الأنبياء دينهم واحد، دعوا إلى الأخلاق
والمحامد.
قولوا لنا،
الآن، كيف لا نحبّه؟ وكيف لا ندافع عنه؟ وكيف لا نفرح بمولده ﷺ؟ وهو الرحمةُ
المهداة، وقد أيّده ربّه في كتابه الكريم، فقال تعالى (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِين).