بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 آذار 2020 12:04ص إنشاء مقرّ عام حزب سياسيّ تحت غطاء ترخيص بناء مجمّع ثقافي

رئيس التيار جبران باسيل يضع حجر الاساس لبناء المجمع الثقافي فوق نهر الكلب رئيس التيار جبران باسيل يضع حجر الاساس لبناء المجمع الثقافي فوق نهر الكلب
حجم الخط
تفاعلت في الأسابيع الماضية قضية أعمال بناء البيت المركزي للتيار الوطني الحر قرب موقع نهر الكلب الأثري والاخطار التي يمكن ان تنجم عن عملية البناء الضخمة، ووضعيته القانونية. وبهذا الخصوص ردّت اللّجنة المركزية للإعلام في التيار عبر بيانٍ أشارت فيه أنّ التيّار «استحصل على كل الرخص اللازمة من الوزارات المعنية مثل الثقافة والبيئة، بالإضافة إلى المجلس الأعلى للتنظيم المدني ونقابة المهندسين واتحاد بلديات المتن ضمن الاطر القانونية، قبل القيام بأي خطوة في مسار تشييد المقر الجديد».

وإزاء الاستنكار الشعبي بوجه عمليّة البناء، صرّحت مصادر في وزارة الثقافة أن «الوزارة حاولت تقليص مساحة الاستثمار لكن الدولة لا تملك الأرض، لذلك لا تستطيع توقيف المشروع، فليس لدينا الحق قانونياً». وقد أعلن وزير الثقافة السابق غطاس خوري انه لم يوقع على أي ترخيص لبناء بيت التيّار المركزي في نهر الكلب، كون المعاملة لا تحتاج لتوقيع الوزير، كما انه لم يوقع أي استثناء للشروط القانونية المطلوبة. كما اكّد أنّ تصريح البناء «سلك الطرق القانونية من ​التنظيم المدني​ الى ​مديرية الآثار​ واستغرق المدة الكافية للدراسة واجراء الملاحظات والتعديلات المطلوبة».

من جهته، لم ينفِ نقيب المهندسين جاد تابت أن أصحاب المشروع حصلوا على الرخص القانونية من الجهات المعنية. وأوضح أنه ليس من صلاحية النقابة أن تعطي رخصة أو أن تحجبها لكنها تسجّل المعاملة بعد نيل أصحاب المشروع الرخص اللازمة.

وبعد مراجعة لقرار المجلس الأعلى للتنظيم المدني رقم ٣٥ الصادر في الثالث من تشرين الاوّل عام ٢٠١٨ القاضي بتعديل تصميم البناء معطوفاً على القرار السابق رقم ١٤ لعام ٢٠١٧، يتبيّن أن العقار ٩٨ في منطقة زوق الخراب – الضبيّة العقارية في المتن هي ملك دير مار يوسف البرج التابع للرهبنة البلديّة المارونيّة، وهي منطقة مشمولة بدراسة حماية وادي نهر الكلب المؤكدّة بمحضر رقم ٤ لعام ٢٠١٤، علماً أنّ الموقع محميٌّ بقرار وزارة الذي يمنع البناء من المنبع وحتى المصب طولاً وضمن مسافة ٥٠٠ متراً من منتصف مجرى النهر وباتجاه الضفتين عرضاً.

والمُلفت أّن الترخيص الأساسي للمشروع رقم ١٤/٢٠١٧ جاء على أساس بناء «مجمع ثقافي ترفيهي» دون ذكر صاحب المشروع، الّا أنّ بعض المعلومات أفادت أنّ الرهبنة البلديّة المارونيّة التي تملك العقار قد وضعت قسماً من أملاكها الموقوفة التابعة لدير مار يوسف البرج بتصرّف التيار الوطني الحر عن طريق الإيجار. وقد استحصل المشروع على موافقة المديرية العامّة للآثار في وزارة الثقافة برقم٤٧٥٣ لعام ٢٠١٧. أمّا موافقة المجلس الأعلى للتنظيم المدني رقم ٣٥ لعام ٢٠١٨ المشار اليه أعلاه فقد جاءت بتوقيع القيّمين في المجلس ومن بينهم نقيب المهندسين جاد تابت. 

أن الترخيص الذي منحته السلطات اللبنانية المسؤولة بناء على عقد الإيجار المُشار اليه أعلاه يتحدث عن مجمع من ثلاثة أبنية مخصصة لتكون مركزاً ثقافياً وترفيهياً وليس مركزاً رئيسياً لحزب سياسيّ، في عملية تزوير فاضحة، يُطالب اللبنانيّون السّلطات والجّهات المعنيّة الكشف عن ملابساتها وعن التورّطين فيها ومحاسبتهم. وبموازاة ذلك وبما أنّ العقار ملكٌ للرهبنة التي قامت بتأجيره لبناء مجمّع ثقافي وترفيهي، وفي حال تبيّن لها أنّ الجهة المستأجرة قد اعتمدت الغش وخالفت عقد الإيجار لناحية وجهة استعمال الأرض، يُمكن للرهبنة ان تفسخ عقد الايجار بموجب القانون.

هذا الملفّ دليلٌ جديد على استمرار المسؤولين في مقاربة الملفّات التي تهمّ اللبنانيّين بخفّة واستهتار وغياب الشفافيّة، كذلك يدلّ على عدم فاعليّة آليات التنسيق والتدقيق والرّقابة، أو غيابها، مع استمرار المسؤولين المعنيّين بنهج تقاذف التّهم والتهرّب من المسؤوليّات. والأنكى أنّه في لبنان يكون البحث عن الحقيقة كالبحث عن ابرة في كومة قش، ينبغي اضرام النار فيها لتتجلّى الأمور.