بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 كانون الأول 2017 12:32ص إنعكاسات الاشتباك اليمني على لبنان في ميزانين سياسي وديبلوماسي: على مختلف الأفرقاء تجنّب الملفّات الخلافية وتسيير أمور البلد

حجم الخط
تفتح الأزمة في اليمن، التي دخلت منعطفا خطيرا بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فصلا جديدا من الاشتباك في المنطقة من شأنه أن يترك تداعياته على الدول المحيطة، ولبنان الخارج من أزمته الأخيرة، من بينها. 
ثمّة من المراقبين السياسيين من يرى أنّ ما جرى في اليمن يدعو الى مستويين من التوقّع، الأوّل قد ينذر بتصعيد في بيروت ربطا بالتصعيد في صنعاء، والثاني يشير الى إمكان انحسار التصعيد لبنانيّا الى مستويات دنيا نظرا الى اشتداد الاشتباك في اليمن، ما يدفع الطرفين المتنازعين هناك الى التعويل على تحقيق اختراق ما بعد ثلاث سنوات من الحرب المُنهكة والمُستنزفة التي لم ترجّح كفّة أيّ منهما.
يستند أنصار التوقّع الأوّل الى أنّ مقتل صالح، والذي كان من شأن انعطافته الأخيرة ترجيح كفّة التحالف العربي بقيادة الرياض في ميزان الحرب في اليمن، قد أصاب هذا التحالف، ما قد يدفع الى التصعيد  في لبنان، الأمر الذي إن حصل من شأنه أن يفرمل التسوية التي عُمل على إحيائها بعد أزمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض، ويعيد عقارب الساعة الى الوراء، حتى لو تمكّن مختلف الأطراف المحليين من تخطّي هذه الأزمة عبر البيان المُتوافق عليه والذي تلاه أمس رئيس الحكومة إثر جلسة مجلس الوزراء.  
أمّا من يتوقّع انحسار التصعيد لبنانيّا فيستند أوّلا الى المظلّة الدولية التي توفّرت للبنان إبّان الأزمة الأخيرة والتي شكّلت حصنا منيعا في وجه اي محاولة من ايّ جهة كانت للعبث باستقراره، ويرى ثانيا، انّ اشتداد الأزمة في اليمن ينبئ بإمكان تحقيق خرق ما لمصلحة أيّ من الاطراف المتنازعين، وبالتالي يجعل ساحة اليمن أساسية في ترجمة النزاع الإقليمي بعد غضّ النظر عن بيروت.
بين هاتين النظريّتين، ترى مصادر سياسية واسعة الاطلاع أنّه رغم المظّلة الدولية المتوفّرة حول لبنان وإرادة الفرقاء الداخليين بالتهدئة وعدم زعزعة ركائز التسوية التي دُعّمت بالتشديد على النأي بالنفس وتعزيز أواصر العلاقة مع الدول العربية، لا تحجب حقيقة أنّ الوضع اللبناني سيبقى تحت المجهر في المرحلة المقبلة وستبقى معه التسوية المتجدّدة تحت المراقبة في ظلّ العاصفة الإقليمية التي هبّت من اليمن مع ما ستحمله من تداعيات على الساحات العربية المتفرّقة في ما لو فُتح باب المواجهة على مصراعيه. وتلفت الى أنّ لبنان لن يبقى بمنأى عن التصعيد، إن لم تتحقّق أي اختراقات في المشهد اليمني واستمرّت الحرب على ما هي عليه من دون رابح ولا خاسر. 
وسط هذه الأجواء، يرى ديبلوماسيون غربيون عاملون في بيروت أنّ ما يجري في المنطقة على صعيد أكثر من ملفّ من شأنه أن يرسم معالم المرحلة المقبلة، وعليه فإنّ العمل على ترتيب الوضع اللبناني بالتعاون مع المجتمع الدولي، كان مطلبا مقبولا لدى الغرب خصوصا أن لا صورة واضحة بعد لمرحلة ما بعد الحروب التي عصفت بالمنطقة في السنوات الاخيرة. ويشير هؤلاء إلى أنّ الأفرقاء الداخليين يعوّلون على المظلّة الدولية التي توفّرت للبنان من أجل ضمان استمرار عمل المؤسسات والتركيز على إجراء استحقاق الإنتخابات النيابية في موعدها كمحطّة أساسية لبنانيّا وخارجيا، ما يفرض عليهم تجنّب الملفّات الخلافية المرتبطة بالقضايا الإقليمية ريثما يتّضح اتجاه الرياح دوليا وإقليميا، وهذا ما تجسّد بعودة الحكومة الى العمل من باب تفعيل سياسة النأي بالنفس لا سيما لناحية عدم التعرّض لدول الخليج أو التدخّل في شؤونها.