بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 كانون الثاني 2020 12:01ص اقتراحُ شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ولبنان وفق خارطة طريق غير تقليدية

تردد واشنطن في الإقليم ناتج من تعثّر الإدارات المتعاقبة في إحداث التغيير وتحفيزه

حجم الخط

تنظر واشنطن إلى استقالة كل من رئيسي الحكومة العراقي واللبناني على أنها غير مجدية، لأن النخب في كلا البلدين تركز على توزيع المناصب بدل اقتراح الإصلاحات


تمضي واشنطن في حصارها الشديد على النظام الإيراني. وثمة من على قناعة بأن إغتيال القائد السابق لفيلق القدس اللواء قاسم سليماني، ليس نهاية تلك السياسة بل في صلب إستراتيجية «عصر إيران»، وإن اعتُبر جولة تصعيدية مؤلمة من خارج سياق الحرب الناعمة. 

يتركز اهتمام الإدارة الأميركية راهنا على أهمية بذل كل ما يمكن للإفراج عن الرهائن الاميركيين المحتجزين في طهران، وهم 6، الى جانب رهينتين في فنزويلا. ويظهر ان الرئيس دونالد ترامب يعتبر الافراج عنهم نواة أساسية في حملته الرئاسية المقبلة. 

وكانت وساطة سويسرية قد أدت قبل نحو شهر الى تحقيق صفقة تبادل أدت الى الافراج عن الباحث الاميركي زي وانغ في مقابل الإيراني مسعود سليماني، نُظر اليها في حينها على أنها إختراق هام وإستثنائي في العلاقة بين واشنطن وطهران.

وتأخذ واشنطن في الإعتبار إمكان أن تؤدي الحرب الناعمة الى الحد من التأثير الإيراني في عدد من العواصم العربية، وخصوصا في كل من بيروت وبغداد، رغم ان بعض المسؤولين يقللون من حصول تغيير فعلي ومستدام في كل من العاصمتين، رغم الحركة الاحتجاجية القائمة. 

وتنظر واشنطن الى استقالة كل من رئيسَيّ الحكومة العراقي واللبناني عادل عبد المهدي وسعد الحريري، -وإستطرادا المسار الحكومي العام لما بعد الإستقالتين - على انها غير مجدية، ذلك أن النخب السياسية العراقية واللبنانية تركّز بشكل أكبر على توزيع المناصب الوزارية في الحكومتين العتيدتين بدل تقديم اقتراحات إصلاح سياسية واقتصادية جريئة تستجيب لمطالب المحتجين. وتاليا يُرجّح المسؤولون الأميركيون إستدامة مرحلية لـ«نظام هيمنة النخب» the system of elite capture الذي يغذي نفسه من خلال توزيع السلطة على أسس طائفية. 

ويأخذ صناع الرأي في واشنطن على الإدارات الأميركية المتتالية استسلامها الطوعيّ حيال التمدد الإيراني في الإقليم المتوسطي، وهو ما أتاح لطهران إحكام قبضتها على المسؤولين والسلطات في كل من لبنان وسوريا والعراق، الى جانب تمكّنها من دمج وكلائها، من مثل حزب الله ومنظمة بدر وعصائب أهل الحق، في المؤسسات الدولتية - الشرعية بما يؤمّن تشريع نفوذها وضمانه على المدى الطويل. وتسبّب غياب الاستراتيجيات الناجعة والمموّلة الهادفة الى خنق التأثير الإيراني، في تراكم كل هذا النفوذ الإيراني بحيث صار جزءا من سياسة الهيمنة والتوسّع ومصادر قرار الحكومات لمصلحة طهران. 

ويعتقد صنّاع الرأي هؤلاء أن تردد الإدارة الحالية ناتج بشكل أساس من التجارب المتعثرة التي خاضتها الإدارات المتعاقبة والتي إنتهت بمجملها الى الفشل في إحداث تغيير جذري في الشرق الأوسط، والأهم القصور في إرساء مقومات مستدامة لتحفيز هذا التغيير، بما يؤدي تدريجا الى إنهاء «نظام هيمنة النخب» الذي أثبت قدرة هائلة وإستثنائية على التجدد والتكيّف في سبيل الحفاظ على المكتسبات التقليدية.  

كان لافتا في هذا الإطار ما إقترحه الديبلوماسي السابق الباحث دينيس روس، المعروف بقدرته على التأثير في صناعة القرار الأميركي، على الإدارة لجهة ما سمّاه «تقديم شراكات استراتيجية مع الشعب اللبناني (...) من خلال خطوة تشريعية»، كناية عن «اتفاق جديد بين الولايات المتحدة ولبنان يرسم خارطة طريق لمشاركة ثنائية خارج نطاق تركيز واشنطن القديم على الجيش اللبناني. ويُعتبر تحرك الكونغرس ضرورياً لأنه يُرسخ أفقاً زمنياً غير مرتبط بمواعيد الانتخابات الرئاسية ويرسل إشارة موثوق فيها إلى منطقة تخشى التقلبات الحادة والرسائل المتباينة للإدارات الأميركية».

ويعتقد روس بأهمية هذه الشراكة، على ان تكون مقرونة «بترفّع الحكومة والقادة في لبنان عن الدعم والتعهدات الخطابية، واتخاذهم تدابير ملموسة تستجيب فعلاً لمطالب المحتجين. فما يمكن للكونغرس تقديمه لا يتمثل ببساطة بالتمويل أو الدعم الشفهي بل بوضع إطار لشراكة تستجيب لمطالب المحتجين. ويجب أن يشمل التشريع متطلبات إعداد تقارير علنية حول معايير الإصلاحات، فضلاً عن تقييم تطبيقها الفعلي. كما يجب أن يكون التمويل والمساعدة مطروحان على الطاولة، خصوصا لدعم الإصلاح في الوزارات المدنية».