بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 حزيران 2020 12:01ص الإدراك العظيم

حجم الخط
إن كل إنسان وُلد على هذه الأرض في زمان ومكان مختلف من عالم مليء بالغرائب والعجائب، عالم تختلف فيه المجتمعات والطبقات الإجتماعية من أغنياء وفقراء، عالم غارق بالإنجازات والإختراعات، عالم وصل فيه الإنسان الى القمر وبكل فخر.

أسرد لكم واقع عالمنا لكي أخبركم أن ما قبل 2020 ليس كما بعده.

عالمنا ما قبل هذا العام كان عالم الأسواق المالية والبورصة العالمية، عالم ناطحات السحاب والأبراج والطيران فوق النجوم، عالم التطورات التكنولوجية التي تخطّت المألوف، فبسرعة وبكبسة زر يمكنك الحصول على كم من المعلومات وعلى ما تحلم به، عالم قد غاب فيه التوازن بين العمل والحياة وقد سيطرت فيه الوحدة على العائلات وتفتتت المجتمعات وتلوثت السماء من دخان المصانع والسيارات وملأ الضجيج الطرقات وتقلّصت الحدائق، عالم افتقد للإيمان وأصبحت فيه الأماكن المقدسة دور للسياحة.

عالم تناسى فيه الحكّام الإنسان لتحلّ مكانه الآلات وباختصار إنه عالم بعيد كل البُعد عن الإنسانية. لكن في عام 2020 جاء فيروس غريب عجيب قد ضرب بالحائط كل هذه الإنجازات وحجر الجميع في منازلهم وأصبحوا محجوزين وفي داخلهم خوف من المصير.

وباء جعل النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السعادة فيها من أثمن الأشياء. جائحة لم تفرّق بين غني وفقير ولا بين ملك وخادمه ولا بين رئيس ومرؤوسيه، ولا بين قائد وجنوده، وباء عجزت عظمة العالم أمامه.

صحيح أنه عدو للبشرية لكنه في نفس الوقت قد أنقذ الحياة العائلية والفكرية وجعل الناس ينفضون الغبار عن غرائزهم وعاداتهم السيئة وأعادهم الى الصلاة والتوبة والضحك والمرح واللعب والتعايش العائلي وعلّمهم احترام الطبيعة والأرض التي استعادت أنفاسها وبراءتها. نعم أيها الإنسان عليك أن تعرف أن بعد كورونا سيكون لك عالم جديد ربما ستحبه أكثر من الذي عرفته سابقاً. ونسأل أنفسنا هل تطلب الأمر فيروساً لجمع شمل الأسر ولمعرفة قيمة الصحة والحياة التي وهبنا إياها الله؟ لا يسعني إلا بأن أقول أن ربّ ضارة نافعة! فإن العالم بعد عام 2020 لن يكون مطلقاً كما قبله.

في الحقيقة علينا أن نتعظ الآن وأن نحافظ على الدفء الأسري وأن نعرف أن باستطاعة كل إنسان أن ينام ويحلم بغد أفضل ومن يدري ربما جميع أحلامنا قد تتحقق في المستقبل حتى الإدراك العظيم.