بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2019 12:00ص البصر والبصيرة

حجم الخط
منذ وقوع حادث الجبل، كل الجهود منصبة، لتجاوزه وتوفير المظلة الدافعة لإعادة العمل إلى حكومة إلى العمل ووضع حدّ لتداعياتها على مختلف المستويات بما في ذلك تعطيل جلسات مجلس الوزراء المخصصة في الأساس لمعالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمالية والانتقال إلى مرحلة الإنعاش الذي يخرج البلد من الضائقة، غير انه لا يوجد حتى الساعة ولو مؤشر واحد يدل على ان الأمور تتجه نحو الحلحلة، وفرملة الممارسات السياسية التصعيدية .

وفي حين علق اللبنانيون الآمال في الخروج من هذا النفق على الاجتماع الذي عقد أول من أمس بين رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور وعلى وحدة الأرض والشعب وبين رئيس مجلس النواب نبيه برّي بمبادرة من الثاني، جاءت تصريحات النائب طلال أرسلان غداة اجتماعه مع رئيس الجمهورية، تزيد الوضع تعقيداً بما لا يترك أي مجال للتفاؤل بأن الجهود التي تبذل أعطت بعض ثمارها، في تعطيل فتيل الأزمة السياسية التي نجمت عن حادثة الجبل بدءاً بإعادة دوران عجلة الحكومة المتوقفة بقرار من رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل باستخدامه الثلث المعطل للحكومة، وربط الإفراج عنه برضوخ رئيس الحكومة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وحلفائه المسيحيين وغير المسيحيين للشروط الباسيلية التي اختصرها باحالة حادثة الجبل إلى المجلس العدلي بالرغم من ادراكه التام بأن هذا التحالف العريض مع رئيس التقدمي لا يوافق على ذلك، ويعتبر أن الحل الأمثل للخروج من ذيول حادثة الجبل هو سياسياً أكثر منه أمنياً، وبذلك ينطبق على الوزير باسل في هذا الصدد انه يحفر بالصخر أو أنه يدفع بالبلاد إلى فتنة مذهبية وطائفية تطيح بكل الإنجازات التي تحققت على صعيد الحفاظ على وحدة الأرض والشعب منذ إتفاق الطائف الذي أبرم قبل حوالى الثلاثين سنة، وأصبح دستور البلاد المؤتمن رئيس الجمهورية على المحافظة عليه والعمل بما تمليه نصوصه.

ويبدو في ضوء كل ذلك، ان الأمور ما زالت تراوح مكانها، ولم يحصل أي تقدّم على صعيد الجهود التي يبذلها كل من رئيسي مجلس النواب والحكومة باعتراف الأخير بأن «الغيمة» ما زالت سميكة، وان كان لا يزال يأمل بانحسارها من دون أن يحدد أي موعد لذلك، ما يعني ان لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع كما كان مؤملاً حصوله في بداية الأسبوع، أي بعد عودة رئيس الحكومة إلى بيروت، ومن المؤسف جداً أن يصل الأمر بنا إلى هذا الدرك من الانحطاط بحيث أن نائباً واحداً من أصل 128 نائباً بامكانه أن يعطل الدولة من خلال تعطيله الحكومة بمنع مجلس الوزراء من الاجتماع ما  لم يرضخ لشروطه التي لا معنى لها سوى الإمعان في الكيدية السياسية مستفيداً من دعم الجهات التي تملك فائض القوة لتعطيل الدولة له.

وثمة سؤال كبير يطرح في ظل هذه الأجواء الملبدة سبق ان طرحه النائب السابق وليد جنبلاط وهو إلى أين بمعنى هل نحن نبني دولة للجميع أم لفريق محدد دون الآخرين وبالأحرى على حساب الآخرين بل على حساب الوطن والدولة نفسها، كل المسارات تدل على ان المعنيين المباشرين لا يفكرون الا بأنفسهم، وبما يُمكن أن يؤمن لهم مصالحهم وطموحاتهم السياسية في الاستئثار والهيمنة وإلغاء الآخر حتى وإن تمّ كل ذلك على حساب الأمن والاستقرار العام، وأكثر من ذلك على حساب وحدة الأرض والشعب التي هي الآن مهدّدة أكثر من أي وقت مضى، فهل يتعظ من يعنيهم الأمر ويكفوا عن اللعب بالنار، أم أن السلطة كفيلة بأن تعمي البصيرة.