بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2018 12:35ص التخفيف من المطالب التعجيزية والإلتزام بالأصول الدستورية يسهلان عملية التأليف

إطالة عملية التشكيل دون مبرر مقبول تأكل من رصيد العهد وتزيد النقمة على السياسيِّين

حجم الخط

من أولويات تسهيل عملية تشكيل الحكومة التوقف عن كل محاولات القفز على الدستور بالحديث عن «أعراف» جديدة بعملية تشكيل الحكومة

ما تزال عملية تشكيل الحكومة الجديدة تراوح في دائرة الخلافات القائمة حول الحصص والحقائب الوزارية كما هو ظاهر للعيان، بالرغم من مرور أكثر من شهر ونصف تقريباً على تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيلها، في حين تُجمع أكثرية الأطراف السياسيين والفاعليات الاقتصادية على ضرورة تسريع عملية التشكيل وتجاوز العقد والصعوبات، نظراً لحساسية الأوضاع الاقتصادية التي تتطلب المباشرة السريعة لوضع المعالجات اللازمة، وهذا لا يُمكن ان يحصل الا بوجود حكومة جديدة.
ما هي العقد التي تحول دون إنجاز عملية تشكيل الحكومة المرتقبة وكيف يتم تجاوزها أو حلها؟
العقد الظاهرية المعروفة، وأولها عقدة الخلاف الحاصل بين «التيار الوطني الحر» والقوات اللبنانية على توزيع الحقائب والحصص الوزارية المسيحية والتي تفاعلت في الآونة الأخيرة عقب تصاعد عدّة السجالات بين الطرفين بالكشف عن وثائق «اتفاق معراب» الشهير ومضمونه، والعقدة الثانية تتمثل بالخلاف بين «التيار الوطني الحر» والحزب التقدمي الاشتراكي حول الحصة الوزارية الدرزية، والعقدة الثالثة والأهم هي الخلاف الحاصل حول ما يسمى بالعرف في صلاحية رئيس الجمهورية بتسمية نائب رئيس الحكومة واقتطاع حصة وزارية خلافاً لأي نص دستوري في اتفاق الطائف.
فالتشبث بالحصص والحقائب على النحو الجاري حالياً وعدم التزام الحدود المعقولة في توزيع الحصص والحقائب الوزارية انطلاقا من روحية تسهيل عملية التأليف والاستمرار في حملات التصعيد الكلامي وتبادل الانتقادات الحادة ومواقف التجريح، تعني ضمناً عدم وجود نوايا صافية لتسريع تشكيل الحكومة العتيدة، بل إطالة أمد عملية التشكيل لوقت إضافي جديد، في حين ان تقريب وجهات النظر وتليين المواقف ووقف الحملات التصعيدية يؤدي إلى خلق مناخ ملائم أكثر لتسهيل عملية التشكيل.
وبالرغم من كل ما يحصل، فإن إطالة عملية تشكيل الحكومة أكثر مما هو مرتقب، لا سيما وأن الرأي العام كان ينتظر ان تتم هذه العملية في وقت قصير نسبياً، استناداً إلى عدد النواب الكبير الذين ايدوا تكليف الرئيس الحريري لمهمة التشكيل، بدأ يأكل من رصيد العهد بالرغم من كل ما يقال خلاف ذلك، وفي الوقت نفسه يزيد من تذمر المواطنين من الطبقة السياسية عموما والأطراف المعطلين لعملية تشكيل الحكومة ولا سيما منهم الذين يتناحرون حالياً للفوز بأكثرية المقاعد والحقائب الوزارية.
ولذلك، فإن من أولويات تسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة العودة إلى الأصول وعدم المبالغة في المطالبة بحصص تعجيزية لا يمكن تحقيقها مهما تصاعدت حملات الانتقاد من هنا وهناك والانفتاح على الأطراف الأخرى للبحث والتفاهم عن الحلول المعقولة والمقبولة قدر الإمكان في أجواء هادئة وبعيداً عن كل أساليب الاستفزاز والتباعد.
يضاف إلى ذلك، التوقف أيضاً عن كل محاولات القفز على الدستور بالحديث عن «أعراف» جديدة بعملية تشكيل الحكومة الجديدة، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى تفاعلات سياسية سلبية قد تزيد في عرقلة عملية التأليف، وقد تتحوّل إلى تجاذبات سياسية حادّة تضع البلاد في مأزق سياسي لا يمكن التكهن بنتائجه وأبعاده المستقبلية على النظام السياسي ككل في لبنان.
فبعدما رفع كل طرف سياسي مطالبه إلى أعلى حدٍّ ممكن ولا سيما الأطراف المختلفين على المقاعد والحصص «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، و«التيار الوطني» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، أصبح سقف كل طرف معروفاً وبات التعاطي مع هؤلاء بالتشكيلة الحكومية يستند إلى ما هو ممكن تحقيقه وليس مما يطرحونه وأصبحت كل المعطيات لدى الرئيس المكلف الذي يحرص أشدّ الحرص على انتهاج أسلوب هادئ بعيداً عن ضوضاء التجاذبات والتحدي والصراخ الذي ينتهجه بعض الأطراف لاعتبارات التنافس على الزعامة المسيحية أقلها في المرحلة المقبلة والتي أدّت إلى خلق حالة من التصعيد اثرت سلباً على عملية تشكيل الحكومة الجديدة مؤقتاً.
وانطلاقاً من هذه الوقائع، يستبعد ان تستمر عملية تشكيل الحكومة الجديدة تدور في دوّامة الخلافات القائمة حالياً لوقت اطول مما حصل، بل يتوقع ان تأخذ عملية التشكيل منحى أسرع في الأيام القليلة المقبلة مع الاستمرار باستنفاد كل الجهود والمساعي المبذولة لتخفيف أجواء التشنج السياسي وإزالة كل العقد والصعوبات التي تعترض عملية التشكيل استناداً إلى الأسس الدستورية التي يحرص الرئيس المكلف على التزامها مهما حاول البعض التذاكي على الدستور أو اختراع أسس جديدة لعملية التشكيل.