بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 تشرين الأول 2017 12:36ص التسوية تترنح وقنبلة عدوان تعمّق الخلاف مع العهد والتيار البرتقالي

جلسات مناقشة الموازنة تتحوّل إلى محاسبة الحكومة على ادائها السيئ

حجم الخط

«اوساط «القوات» حرصت على التوضيح  بأن موقف عدوان ليس شخصياً بل يعبر  عن الرأي الرسمي للحزب»


يسود الوسط السياسي، انطباع عام، عززته المناقشات الجارية في مجلس النواب والتي من المقرّر ان تنتهي اليوم بإقرار قانون الموازنة، كما ورد من لجنة المال والموازنة، بأن التسوية التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وبسعد الحريري رئيساً لحكومة تضم كل المكونات السياسية باستثناء حزب الكتائب الذي فضل المعارضة على جنة الحكم، بدأت تترنح ويخشى عليها فعلياً من السقوط بين أسبوع وآخر.
ويبني الوسط السياسي هذا الاعتقاد على مداخلات النواب التي نادراً ما قاربت مشروع قانون الموازنة من الناحية العلمية والقانونية بإستثناء مداخلة رئيس حزب الكتائب الشيخ سامي الجميل التي فندت الموازنة بكل فصولها ومداخيلها الدستورية والقانونية، وركزت على فشل الحكومة رغم مرور قرابة السنة على تأليفها في الاستجابة للمطالب الشعبية، وفي وضع أي خطة اقتصادية أو إنمائية تجنّب البلاد المخاطر الناجمة عن الركود الحاصل، وعن استمرار مزاريب هدر المال العام، وعن تغاضيها عن محاربة الفساد المستشري ومحاسبة الفاسدين والمفسدين الذين ملأوا خزائنهم من أموال الشعب الذي تجاوزت نسبة الذين هم تحت خط الفقر فيه الـ25٪، من دون ان تظهر الحكومة أي مؤشر على انها بصدد وضع خطة اقتصادية - مالية واجتماعية للحد من خطر انخفاض المستوى المعيشي عند اللبنانيين.
والأخطر من ذلك، ما كشفت عنه مداخلات النواب، حتى الموالين للحكومة وللعهد من عدم رضى هؤلاء على الأداء العام  لحكومة استعادة الثقة والتي جعلت من أمور النّاس في آخر سلم اهتماماتها مكتفية بالتغطية على فشلها في وضع خطة للنهوض الاقتصادي وتكريسها مبدأ المحاصصة في التعيينات والتشكيلات الإدارية والدبلوماسية وفي عقد الصفقات التي ابلى في شرحها رئيس حزب الكتائب بلاء حسناً.
اما المداخلات الأخرى للنواب الذين مازالوا ملتزمين بالتغطية على ارتكابات الحكومة الدستورية والقانونية فقد ركزت على الحرمان المزمن في مناطقهم من دون ان تبدي الحكومة أي استعداد للتخفيف منه سوى الوعود بعقد جلسات لمجلس الوزراء في كل المناطق اللبنانية بهدف درس احتياجاتها وكيفية العمل للحد من حرمانها.
وإلى جانب هذا الجو النيابي المعبر إلى حدود بعيدة عن تطلعات الشعب، غطت على المناقشات التي دارت في مجلس النواب في اليومين الماضيين قنبلة نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان حول موضوع عدم اقدام مصرف لبنان على تقديم قطع حساب إلى وزارة المالية، وكشفت عن مدى انزعاج القوات اللبنانية من السياسة التي تعتمدها الحكومة بناء على التسوية السابقة، وليس من المخالفة التي ارتكبها حاكم مصرف لبنان، وقد بادرت أوساط القوات إلى توضيح الأسباب الكامنة وراء مداخلة نائب الرئيس مشيرة الى ان موقفه ليس شخصياً إنما يعبر عن رأي الحزب الرسمي المتخذ مسبقاً خلال جلسة تكتل القوات برئاسة رئيسها سمير جعجع، شارحة ان الموقف لا يستهدف حاكم مصرف لبنان الذي يكن له الحزب كل احترام وتقدير نسبة لجهوده الجبارة في مجال الحفاظ على الاستقرار النقدي في البلاد في اصعب المراحل والظروف، لكن في المقابل ثمة حكومة مسؤولة عن الرؤية الاقتصادية يجب عليها وضع السياسة المالية للدولة، فهذه من صلب مسؤوليتها وليست مسؤولية شخصية أو مؤسسة، وبعدما وضعت الحكومة اليوم يدها على الموازنة اثر غياب 11 عاماً يفترض فيها تحديد رؤيتها للواقع الاقتصادي والنقدي في البلاد انطلاقا من الموازنة وإنجاز تُصوّر شامل للملف يكون على عاتق مجلس الوزراء مجتمعاً.
ووفقاً لهذه الأسباب يصل المصدر القواتي إلى بيت القصيد، وهو الفساد الذي لا يزال مستمراً في الدولة وتغاضي الحكومة أو عجزها عن وضع حدّ له ويستشهد بملف تلزيم الكهرباء الذي وقف وزراء الكتائب في وجه تمريره في مجلس الوزراء، ونجحوا في ذلك مما خلق جوا من البرودة بين الحزب وبين التيار الوطني الحر الذي كان يعمل وزراؤه على تمرير الالتزام خلافا للأصول المرعية الاجراء وبشكل لا يترك أي مجال للشك بوجود صفقات مشبوهة تمرر من تحت طاولة مجلس الوزراء.
وعلى الرغم من ان مصادر القوات تحاول عدم توجيه سهامها نحو العهد ترى الأوساط السياسية ان ما أقدمت عليه القوات عبر نائب رئيسها في مجلس النواب يضع التسوية التي أدت إلى الاستقرارين السياسي والأمني امام اختبار جديد قد تكون حظوظه ضعيفة جداً في ظل التباين العميق بين التيارين الأزرق والبرتقالي الذي كشفت عنه مواقف الوزير جبران باسيل وردود فعل التيار الأزرق عليها، إضافة إلى المشاهد التي ظهرت في جلسات الموازنة والتي كشفت ان أكثرية النواب، بصرف النظر عن الدعاية الانتخابية، ليست راضية لا على أداء الحكومة ولا على أداء العهد.