بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 أيار 2020 08:26ص التناقض الأميركي الحاد

حجم الخط
هنالك سؤال يطرح نفسه بإلحاح: ما النفع اذا اقترضنا من صندوق النقد الدولي والعقوبات الأميركية ستبقى مستمرة في الوقت عينه بالتوافد إلى لبنان وصب زيت الإفقار المدقع على نيران الجوع الكافر؟ 

ما النفع اذا اقترضنا وبفضل استمرار توافد تلك العقوبات تباعاً إلى لبنان ستبقى أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية على ما هي عليه الآن من ارتفاع جنوني؟ 

يقول الدكتور أيمن عمر الخبير الاقتصادي اللبناني لشبكة سبوتنيك الروسية بتاريخ 15 أيار 2020: يضع صندوق النقد الدولي شروطاً مقيدة في الدول التي تعاني معدلات كبيرة من البطالة والفقر، وبالتالي تجد تلك الدول نفسها مرغمة عن التخلي عن مسؤولياتها تجاه المواطنين وتنهمك بمسؤولياتها في العمل على سداد القروض، الأمر الذي يولد تدهوراً في الحالة الصحية والغذائية، وقد أدت شروط صندوق النقد الدولي في البرازيل إلى تسريح ملايين العمال وخفض أجور باقي العاملين.

ويضيف الدكتور عمر قائلاً: إن النوايا الحقيقية لشروط صندوق النقد الدولي لديها رغبة جامحة في ترسيم الحدود البرية والبحرية وتحديداً وضع البلوك رقم 9 وتوطين اللاجئين الفلسطينيين وفق ما نصت عليه بعض مندرجات صفقة القرن اضافة إلى البحث في قضية نزع سلاح حزب الله. 

وبدوري أقول إن المضحك المبكي أنه من أحد أبرز شروط صندوق النقد الدولي لاقراض لبنان اجبار حكومته على زيادة الضرائب على لقمة العيش وهو ما سيعمق جراح المواطن اللبناني النفسية والمعنوية.

فبتاريخ 13 أيار 2020 قال مركز كارينغي في مقال عنونه تحت مسمى أزمة لبنان خطيرة وما من رصاصة خلاص، أن الطامة الكبرى تكمن برغبة الصندوق في توسيع القاعدة الضريبية في لبنان ما يعني أنه وبالتزامن مع مجيء المزيد من العقوبات الاميركية إلى وطن الأرز العربي ستكون أموال الصندوق بمثابة المنشط الوهمي الذي سيفشل من انتشالنا من العجز مع أن المنشطات تمنح لمن فدحهم العجز واعتراهم الهلاك والتلف. 

وازاء هذا الواقع المرير لنكن منطقيين باقرارنا واعترافنا بأن واشنطن العضو الاقوى في مؤسسة صندوق النقد الدولي دونت منذ سنوات عدة بالخط الاحمر العريض عنواناً ترجمته بالعربية، نزع سلاح حزب الله مقابل تعافي الاقتصاد اللبناني، والدليل أنه بتاريخ 13 أيار 2020 دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني إلى نزع سلاح حزب الله ومن المعلوم أن نفوذ واشنطن داخل الأمم المتحدة أشهر من أن يُعّرف عنه، ومع ذلك ما زال البيت الأبيض يحث لبنان على الاقتراض من صندوق النقد، فيا له من تناقض اميركي مرعب. 

وكان كلام غوتيريش قد سبق أن ردده منذ أيام وأسابيع وأشهر مساعد وزير الخارجية الأميركية دايفيد شنكر ووزير الخارجية مايك بومبيو والسفير الاميركي الأسبق في لبنان جيفري فلتمان. 

أما صحيفة الاتحاد الاماراتية فقالت نقلاً عن صحيفة واشنطن تايمز الاميركية بتاريخ 10 أيار 2020 ان المحلل السياسي كليفورك ديماي وهو مؤسس ورئيس مركز رابطة الدفاع عن الديمقراطيات للدراسات والأبحاث السياسية في واشنطن قال: إن منح الحكومة اللبنانية مليارات الدولارات من دون الحصول على ضمانات بأن لا تبدد هذه الأموال في أي حرب مدمرة قد يجر حزب الله لبنان اليها يعتبر حماقة كبيرة، لذا يجب ارغام الحزب على التخلي عن ترسانته من الاسلحة قبل بدء عملية الاقراض.

كما أنه وبتاريخ 29 أيلول 2019 أي قبل بدء الحراك اللبناني بنحو 3 أسابيع ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن تقريراً أعده طوني بدران الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD إلى جانب جوناثن شندر وهو محلل سابق في وزارة الخزانة الاميركية، هاجم المؤسسة العسكرية اللبنانية بقوله إن المؤلم في الامر أن مؤسسة الجيش اللبناني التي تتلقى أكبر قدر من دعم الولايات المتحدة في لبنان تعمل جنباً إلى جنب مع حزب الله، وهي غضت الطرف عن حفر الحزب أنفاق الهجوم عبر الحدود إلى اسرائيل، كما سمح الجيش اللبناني باستيراد الحزب للتكنولوجيا التي تنقلها الطائرات الايرانية عبر مطار رفيق الحريري الدولي، لتحديث قذائف حزب الله التي وبالفعل تحولت إلى صواريخ دقيقة موجهة. 

ومما لا شك فيه، أن التقرير يفوح من كلامه أريج تحريض الجيش اللبناني على حزب الله. وازاء هذا الامر الواقع أن من ينبغي عليه اقالة عثرة لبنان، أي صندوق النقد الدولي لجعله يستعيد زمام المبادرة كي يشن الهجوم المضاد على نكسته وينتصر عليها، يتوجب عليه الادراك بأن مسألة سلاح حزب الله مسألة اقليمية ودولية وحدها المفاوضات الدولية مخولة في البحث بشأنها لأن الحزب له داعمين من دول تُعتبر رقماً صعباً في كل المعادلات السياسية الاقليمية والدولية، لذا فإن الأعراف المحترمة يتوجب عليها فصل مسألة الاقراض عن مسألة السلاح لكي تحظى باحترام الجميع.