بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 شباط 2019 12:00ص الجهاد الأكبر

حجم الخط
بعد تسعة أشهر من المناكفات وشد الحبال والشروط والشروط المضادة، وتقاذف الاتهامات بالتعطيل بين الأطراف المعنية، أبصرت الحكومة النور وانتهى بذلك الجهاد الأصغر لتبدأ مرحلة جديدة من الجهاد الأكبر للحكومة، في ظل استمرار التباينات والانقسامات بين الأحزاب والكتل النيابية الممثلة في الحكومة العتيدة.
وقد بادر الرئيس سعد الحريري فور صدور مراسيم تشكيل الحكومة إلى طرح التحديات التي تواجه حكومته مرفقة بالتمنيات أن تكون قادرة على التصدّي لهذه التحديات، وان تترك خلفها الخلافات التي أخّرت تشكيل الحكومة تسعة أشهر.
ولم يخف الرئيس الحريري على اللبنانيين، الذين استبشروا خيراً بولادة الحكومة القيصرية، بل حرص على ان يصارح الجميع بأن مهمتها ليست سهلة بقدر ما هي محفوفة بالصعاب الناجمة عن انعدام الرؤية المشتركة بين أطراف الحكومة للملفات الداخلية الصعبة والمعقدة في آن، فضلاً عن الاختلاف العميق في ما بين أعضاء الحكومة على السياسة الخارجية وعلى كيفية التعاطي مع هذه السياسة بما يعطي للبنان زخماً أمام الرأي العام الدولي ويبعد عنه مخاطر الصراعات المحتمدة في المنطقة، والتي لعبت دوراً مهماً في إطالة أزمة تأليف الحكومة، باعتراف كل الأطراف الداخلية كل من وجهة نظره التي تختلف عن وجهة نظر الآخر.
واليوم يُشكّل المولود الجديد لجنة لصياغة البيان الوزاري التي تشكّل أول خطوة عملية في مرحلة الجهاد الأكبر، وأمام هذه اللجنة كما هو واضح، تحديات عدّة أولها العلاقة مع النظام السوري وكيفية التعامل مع هذه العلاقة في ظل إصرار فريق فاعل داخل الحكومة يُصرّ على إعادة التطبيع مع النظام السوري وفريق آخر يقوده رئيس الحكومة يرفض هذا الأمر، ويعتبره من وجهة نظره خروجاً على سياسة الحياد التي يتمسك بها هذا الفريق، والانحياز إلى المحور السوري - الإيراني، ناهيك عن موضوع المقاومة ومكانتها في البيان الوزاري وان كان هناك اتجاه شبه عام لحل هذه المشكلة باعتماد النص الوارد في بيان حكومة الحريري السابقة.
إن هذا العنوان المطروح منذ قبل الاتفاق على الحكومة الجديدة، كان وحده ليوسع شقة الخلاف داخل مجلس الوزراء، وقد يطيح بكل الآمال التي عقدها بعض اللبنانيين على قيام حكومة وحدة وطنية ناهيك عن التحديات الأخرى التي تواجه لبنان من معالجة التردي الاقتصادي الذي بلغ الخطوط الحمر إلى محاربة الفساد وإعادة الانتظام إلى الدولة لتنفيذ الإصلاحات التي طلبها مؤتمر «سيدر» مقابل مساعدة لبنان على النهوض وتجاوز المحنة التي يمر بها إلى غيرها من الإصلاحات البنيوية في ظل انعدام الرؤية المشتركة بين مكونات الحكومة في كل الأحوال، تبدو مهمة الحكومة الجديدة صعبة وسيكتشف اللبنانيون، بعد فترة وجيزة، ان ما من شيء يُمكن أن يتغير على الملفات الداخلية فضلاً عن الملف الخارجي، وهنا تكمن المشكلة.