بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تشرين الأول 2019 06:05ص الحُكم حَسَم أمره: لا تغيير أو تبديل حكومياً قبل التوافق على البديل

المتظاهرون عند بوابة السراي: إسقاط النظام أم الحكومة؟ المتظاهرون عند بوابة السراي: إسقاط النظام أم الحكومة؟
حجم الخط
اصبح محسوما ان الوضع الحكومي متجه نحو التغيير او التبديل، لكن الخيارات المتاحة ضيقة ومحدودة وامام كلٍّ منها صعوبات معينة، خاصة في ظل المطالبات المتضاربة بتغيير هذا الوجه الاستفزازي او ذاك من الوزراء، وهو أمر بات يخضع لمزاجية سياسية حسب المصالح والاهواء والحسابات لكل طرف سياسي، دخل على خط الحِراك الشعبي المطلبي المحق، وكاد يحرفه عن المطالب المعيشية المحقة الى مطالب سياسية خاصة بكل طرف.

 لكن الواضح والثابت في ظل تضارب المصالح والحسابات السياسية، ان الحكم بشقيه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حسم امره، واقتنع بضرورة التغيير او التبديل الحكومي، لكن ليس قبل التوافق على البديل تجنباً للوقوع في الفراغ الحكومي، الذي حذّر منه المسؤولون خلال الايام القليلة الماضية والبطريرك بشارة الراعي في عِظة الاحد امس، وبما يُرضي الشارع الغاضب ايضاً. فالحِراك الشعبي النظيف الذي لم تدخل الاحزاب على خط تسييس مطالبه، فاقد للثقة بالطبقة الحاكمة نتيجة تراكم الاخطاء والممارسات الرسمية التي اوصلت البلاد والعباد الى ما وصلت اليه  خلال السنوات الثلاثين الماضية. ولا بد من إقناع هذا الشارع الغاضب بخطوات سريعة مقبولة ليطمئن الى ان الحكومة لن تلجا الى التويف والمماطلة والتأجيل.

لذلك إنصبت الاتصالات والمعالجات خلال اليومين الماضيين على شقين: محاولة تهدئة الشارع وفتح الطرقات الرئيسية من اجل تسهيل تنقل المواطنين المضطرين وشاحنات المواد الاساسية الغذائية والحياتية والطبية والمحروقات، وشق محاولة التوافق على البديل الحكومي، هل يكون بتغيير الحكومة كاملة على صعوبة هذا الخيار، او التبديل بسبب شغور الحقائب التي فرغت بسبب استقالة وزراء «القوات اللبنانية»، وتبديل بعض الوجوه الوزارية. وهنا يطرح السؤال نفسه: اي وزراء يتم استبدالهم؟ وهل تجري مقايضة برأس هذا الوزير بذاك الوزير؟ ومن يقرر من هو الوزير الاستفزازي، الطاقم السياسي الحاكم المنقسم والمختلف على امور كثيرة، أم الشارع الذي ينتفض بوجه كل الطاقم السياسي؟ 

وثمة طروحات جرى التداول بها مثل تعيين وزراء بدلاء لوزراء القوات المستقيلين، وإلغاء وزارات الدولة غير الفاعلة رسمياً وإدارياً بحيث يقل عدد وزراء الحكومة عن الثلاثين، واستبدال بعض الوزراء السياسيين بوزراء تقنيين او تكنوقراط. 

لكن ثمة مشكلة اخرى تكمن في ان الحِراك الشعبي غير المسيّس ان لا رأس واحداً له، ولا هيئة ولا مجموعة تمثّله ولا مطالب وشعارات موحدة- سوى إسقاط الحكومة ومحاكمة الفاسدين- لتستطيع ان تتحاور مع الحكم حول المطالب المعيشية والاقتصادية غير السياسية التي يريدها المنتفضون، فترضى بما يريده الشارع وترفض ما لا يريده، وتطرح مقترحات بديلة وتفرها على الحكومة.

 على هذا الاساس، يخوض الحكم بجناحيه معركة قاسية مع الوقت ومع الخيارات، بين سبل الإسراع في إقرار الاصلاحات او الاساسي منها خلال الايام القليلة المقبلة لتهدئة الشارع، حيث يُفترض ان تجتمع ظهر اليوم في السرايا الحكومية اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الاصلاحات، للاتفاق على ما يمكن تنفيذه بسرعة من بنود الورقة الاصلاحية. وبين معالجة الخلافات السياسية حول التغيير او التبديل الحكومي. لكن ثمّة من يعتبر ان ما جرى يخدم الرئيس الحريري بطريقة او بأخرى لأنه اوقف المماحكات والشروط والشروط المضادة ودفع نحو إقرار موازنة 2020 قبل المهلة الدستورية وتمت إحالتها الى المجلس النيابي، ودفع ايضا الى إقرار الورقة الاصلاحية بكامل مندرجاتها بسرعة قياسية، بعد التباطؤ الذي سبّبه التناحر السياسي حول الاوراق الاصلاحية. 

ولعل الحريري برغم الضغط الذي يعانيه، يسعى الى تغيير حكومي يؤمن اكبر فسحة من التوافق والتسهيل في الحكومة الجديدة او المُجدّدة، ليستطيع عبور المرحلة الصعبة سياسيا واقتصاديا، ومعالجة الذيول الكارثية التي سببها الحِراك الشعبي، بعد تعطيل كل مرافق العمل الحكومي والانتاج الاقتصادي التجاري والصناعي والسياحي والزراعي وتوقف المصارف عن ضخ السيولة والتلاعب بسعر الدولار،بحيث قدّر احد الخبرات الخسارة اليومية ب 170 مليون دولار، وغيرها من مشكلات ستترك آثارها البعيدة والقريبة على المواطن نفسه ايضاً. وقد بدأت تباشير ذلك تتبدى في الخوف من عدم استطاعة المؤسسات الخاصة دفع رواتب موظفيها بسبب اقفال المصارف وعدم توافر السيولة.