بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 أيلول 2018 06:01ص الحريري وضع الكرة في ملعب رئيس الجمهورية وقطع الطريق على المشكِّكين والمزايدين

هل تفتح الصيغة الحكومية باب تشكيل الحكومة المقبل أم تُبقي المسار في دائرة المراوحة؟

حجم الخط

يعلم الجميع ما قام به الحريري من اتصالات ولقاءات في خضم سيل من الحملات والتجاذبات والمطالب التعجيزية للخروج بصيغة متوازنة، ترضي الجميع بالحدود المقبولة

هل تفتح الصيغة الحكومية التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الباب أمام تسريع ولاية الحكومة العتيدة، أم تُبقي مسار التأليف غارقاً في دائرة المراوحة والتعطيل؟
لا شك بأن الخطوة التي أقدم عليها الرئيس المكلف بتسليم رئيس الجمهورية الصيغة الحكومية التي كشف عنها بعد لقائه به بالأمس بعدما يقارب الماية يوم من تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، أظهرت بوضوح مدى حرص الرئيس الحريري على تسريع عملية التأليف وإصراره على ولادتها اليوم قبل الغد خلافاً لكل الادعاءات والاقاويل المغرضة، لكي تبدأ القيام بالمهام الجسام التي تنتظرها في إدارة السلطة بالبلاد وتسيير شؤون الدولة والاهتمام بمطالب وحاجات النّاس وهي ملحة وكثيرة لا تحتمل المماطلة والتأخير أكثر مما حصل.
وتأتي الخطوة المذكورة استجابة للدعوات العديدة التي أطلقها البعض وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، الذي دعا الرئيس المكلف مؤخرا لتقديم الصيغة الحكومية التي تبلورت لديه جرّاء سلسلة المشاورات والاتصالات التي أجراها منذ تكليفه عملية التشكيل، وبذلك يكون قد وضع الكرة في ملعب رئيس الجمهورية تحديداً وقطع الطريق على كل المشككين والمزايدين باعتماده زوراً أسلوب المماطلة والتأخير في إنجاز عملية التشكيل ولا سيما الجهات التي تروج باستمرار اخباراً ملفقة بتأخير إنجاز عملية تشكيل الحكومة عن قصد استجابة لارتباطات واجندات خارجية أو انتظاراً لتطورات ومستجدات إقليمية مرتقبة خلافا للواقع والحقيقة.
فالكل يعلم ما بذله الرئيس الحريري من جهود حثيثة مع كل الأطراف المعنية وما قام به من اتصالات ولقاءات علنية ومن وراء الكواليس، لتقريب وجهات نظر الأطراف المختلفين وتقليص مسافات التباعد إلى أدنى حدّ ممكن في خضم سيل من الحملات والتجاذبات السياسية والشروط والمطالب التعجيزية والفيتوات من هنا وهناك ومحاولات استجلاب هيمنة النظام السوري السابقة واستغلالها لتحسين شروط بعض الأطراف المعروفة ومواقعها واستطاع برغم كل هذه الشوائب للخروج بصيغة حكومية متوازنة سياسيا، ترضي الجميع بالحدود المقبولة وتستطيع الانطلاق بقوة وثبات للقيام بالمهمات الجسام والمسؤوليات الصعبة الملقاة على الحكومة العتيدة في المرحلة المقبلة، في حين تبقى ملاحظات هذا الطرف أو ذاك قابلة للبحث والتشاور ضمن سقف تأليف حكومة جديدة منسجمة وتعمل مع بعضها البعض في إطار المصلحة العامة، ولا تشكّل غلبة طرف على طرف آخر كما يطرح البعض في مطالبه لإظهار مدى تأثيره واستقوائه على أطراف أخرى لا ينسجم معها سياسيا او مصلحياً.
وبهذه الخطوة يُمكن القول ان مسار تشكيل الحكومة الجديدة قد قطع شوطا لا بأس به على طريق إظهار النوايا وكشف مواقف كل الأطراف دون استثناء، وبالتالي لم يعد ممكنا التلطي وراء موقف الرئيس الحريري أو إطلاق الاتهامات جزافاً ضده، أو تحميله مسؤولية تأخير إنجاز الصيغة الحكومية المطلوبة في حين يعلم القاصي والداني الطرف الذي يقف خلف تأخير عملية التأليف وبمعنى في فرض الشروط تلو الشروط للفوز بأكبر حصة وزارية ممكنة على حساب خصومه السياسيين التقليديين.
صحيح ان مسار ما تبقى من تشكيل الحكومة قد يتعرّض لتجاذبات ومحاولات البعض لتعديل أو تغيير في تركيبها قبل ولادتها، الا ان الامعان في إرباك وتعطيل وفرملة خطوة تقديم التشكيلة الحكومية لاعتبارات وحسابات سياسية مستقبلية كما ظهر في بعض المواقف، لن يكون عاملاً مساعداً في تسريع ولادة الحكومة الجديدة، بل سيضع عقبات جديدة قد تطيل عملية التأليف وبالتالي سيؤدي ذلك الى إلحاق الضرر الجسيم بمصلحة البلاد ككل.
إذ ان تسريع تشكيل الحكومة الجديدة يبقى حاجة ملحّة وضرورية لجميع الأطراف من دون استثناء، وبالتالي فإن تسهيل هذه العملية من هذا الطرف أو ذاك في إطار التنازلات المتبادلة كما أعلن ذلك مراراً الرئيس المكلف يعود بالفائدة على الجميع.
ولذلك، لا بدّ من ترقب الأمور واستكشاف المواقف من التركيبة الحكومية التي سلمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية لمعرفة ردود الفعل عليها وكيفية التعاطي معها، ومن خلال ذلك يمكن متابعة كيفية مسار عملية التأليف وانطلاقها نحو نهاياتها السعيدة المرتقبة، اوالاستمرار في دائرة المراوحة ضمن استراتيجية فرض المطالب والشروط التعجيزية التي كانت السبب الأساس في تأخير ولادة الحكومة الجديدة وهذا الاسلوب سيؤدي حتماً إلى اغراق البلد في مزيد من الفراغ وتآكل هيبة الدولة وإلحاق الضرر بمصالح اللبنانيين كافة.