بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 أيلول 2020 12:00ص الحكومة العتيدة للسياسيين: طبّقوا الإصلاحات وإلا...

حجم الخط
رئيس مكلف، حكومة حيادية أو مصغّرة أو تكنوقراط أو موسّعة وفضفاضة، أسماء يتم التداول بها على مدار الساعة لتولّي هذه الحقيبة أو تلك، توزيع حصص، التمسّك بوزارات وعدم التنازل عن أخرى مهما كلّف الأمر، اجتماعات واتصالات على مدار الساعة مع هذا الطرف أو ذاك من ممثلي الأحزاب أو التيارات السياسية على مختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم، توزيع الحقائب الوزارية مراعاة للطوائف.. إلى غير ذلك من العبارات التي صمّت مسامعنا وآذاننا والتي تتكرر عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ليل نهار... أما مصير البلد فهو على المحك ولا ندري إذا كان المسؤولون في لبنان، كل المسؤولين يعرفون أننا بتنا على شفير الهاوية، في حين يبدو انهم لم يتعلّموا من أخطاء الماضي التي ارتكبوها على مدى سنوات وسنوات وكأن التجارب لم تعلّمهم دروساً أو عِبَر حتى أوصلوا البلاد والعباد إلى ما وصلنا إليه من كوارث وإنهيار وآلام ومآسٍ على كل الصعد، وبات الجوع يطرق أبواب اللبنانيين، كل اللبنانيين من دون إستثناء، في مختلف مناطقهم وأطيافهم السياسية والحزبية والاجتماعية من دون تمييز.

فهل مهمة الرئيس المكلف مصطفى أديب ستكون صعبة أو شائكة أو حتى مستحيلة في هكذا ظروف معقّدة يسعى خلالها لتشكيل حكومته العتيدة؟ وهل أن الرجل يسير حالياً في حقل ألغام يحاول تجاوزه والقفز فوقه تداركاً لمزيد من العقد ومحاولات التأزيم والمطالبات وفق المصالح الذاتية والسياسية والحزبية؟ وكيف له أن يتمكّن من إرضاء جميع الأطراف و«الوقوف على خاطرهم» فردا فرداً وحزبا حزباً وتياراً تياراً؟ وفي حال نجاحه في إزالة كل تلك العقبات من أمام تأليف الحكومة الجديدة، فكيف بالتالي سيكون المشهد الوزاري منذ لحظة أخذ الصوة التذكارية في القصر الجمهوري في بعبدا ومن ثم الانتقال إلى طاولة مجلس الوزراء؟ وكيف سيصار الى درس ومعالجة وإقرار الملفات المتراكمة والتي تحمل في طيّاتها مصير البلد وأهله من خلال مطالبة الدول والمؤسسات العالمية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والجمعيات والمنظمات الإنسانية والمالية التي تُعنى بدعم ومساعدة لبنان للخروج من هذه المحنة الخطيرة ودوامة الانتظار لكي يتم التوافق بين الدول والأمم على حلّ خلافاتهم الإقليمية والدولية لينعكس بعد ذلك الأمر إيجاباً على الواقع اللبناني سياسياً واقتصادياً وأمنياً، وعندها سينعم لبنان بالأمن والاستقرار الاقتصادي والمالي إذا قدر لهذا البلد أن ينعم بمثل ذلك.

أما ما نسمعه يومياً عبر شاشات التلفزة وأثير الإذاعات المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي أن الرئيس أو الوزير أو النائب أو المسؤول الفلاني قد غرّد أو علّق أو طالب أو ندّد أو أشار أو لفت أوأعلن أول تحدث عن رأيه بهذا الموضوع أو ذاك منظّراً على اللبنانيين برؤيته وأفكاره وتحليلاته مطالباً المسؤولين في لبنان (وكأنه ليس واحداً منهم) أن يقدموا على أخذ هذا القرار أو ذلك أو التراجع عن هذا المشروع أو غيره من المشاريع الضرورية والملحّة وكأني به يصدّق نفسه أن مواقفه وآراءه لا تزال تعني اللبنانيين أو معظمهم على الأقل، ولو قدّر لأولئك السياسيين ولو برهة واحدة أن يقفوا أمام المرآة التي لا تكذب صاحبها عادة، ليسألوا أنفسهم نحن من الآن وماذا ومن نمثل؟ لأجابتهم المرآة بصدق وصراحة وبالحقيقة المرّة التي لا تناسبهم بالطبع وقالت لهم بالفم الملآن وبالخط العريض، يجب أن تعلموا جيداً انكم تمثلون أنفسكم فقط كما قلّة من النّاس قد لا تتجاوز أصابع اليد أو على أبعد تقدير عائلتكم وأسرتكم وبعض المقرّبين منكم فقط وذلك بعد كل ما اقترفتموه على مدى هذه الحقبة الطويلة من الزمن من تدمير البلد باقتصاده وازدهاره وعمرانه وبعد ما أوصلتم النّاس فيه لكي يكفروا بكم ولعنوا الساعة التي أنزلوا فيها لوائحكم في صناديق الاقتراع، فهل بات عليكم أن تستفيقوا من هذه الغيبوبة التي أنتم فيها الآن، وهل لكم الاعتذار من المواطنين الطيبين علّ وعسى يتم إيجاد بعض الاعذار لكم للخروج مما أنتم عليه الآن؟!

فيا دولة الرئيس المكلف نتمنى عليك مخلصين، إعلاميين ومواطنين، أن تقدّم دون تردد وأن لا تأخذ بعين الاعتبار إلا مصلحة لبنان واللبنانيين فقط الذين ذاقوا الأمرّين حتى الآن وأن لا تضعف أمام أية مطالبات أو ضغوط من هنا وهناك ومن هذا المسؤول أو ذاك أو ضغوط من هنا وهناك ومن هذا المسؤل أو ذاك وأن تؤلف حكومة تنطلق بمسيرة الاعمار ومن جديد خاصة بعد انفجار المرفأ المروّع  وأن تأخذ بعين الاعتبار أيضاً أن  النّاس قد تعبت فعلا ولن ينقذها من هذا الوضع المأساوي إلا البدء بمسيرة الاصلاحات إنطلاقاً من بنية النظام اللبناني وامتدادات ذلك على كل ما يمتّ بصلة إلى تلك الإصلاحات بدءاً بمحاربة الفساد وإعادة الأموال المنهوبة وتنفيذ التدقيق الجنائي لمعرفة من نهب البلد وسرقه وهرّب الأموال بالمليارات الىالخارج، كما المطلوب أيضاً يا دولة الرئيس إعادة أموال المودعين إلى أصحابها والعمل على وضع قانون انتخابي جديد وإلغاء الطائفية السياسية في البلد وإصلاح النظام المصرفي والهيكلية الإدارية وإيجاد نظام صحي وتربوي واعد لجميع اللبنانيين من دون إستثناء.

وأخيراً وليس آخراً أن تأخذ بعين الاعتبار ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حين جمعهم - أي السياسيين اللبنانيين - حول طاولة مستديرة في قصر الصنوبر أن عليهم جميعاً الانطلاق بمسيرة الاصلاحات مع إعطائهم فرصة محدد لذلك لمدة شهرين فقط وإلا...