بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الثاني 2018 12:00ص «الحكومة اللبنانية» بين فكّي الأبوّة والتواضع المفترس

حجم الخط
 زياد علوش*

هل حياة العصفور في الجبل هي ضرورية لحياة السمكة في البحر؟». من حيث الشكل لا ترابط. لكن عندما يتم تفكيك التركيب المعرفي استناد الى الوظيفة البيئية لكل منهم، نرى ان سبب بقائهما مرتبط جدلياً. نفس العنوان الإشكالي يواجه الحكومة اللبنانية على الصعيدين الوطني والأقليمي، إن لم يكن من حيث الترابط الوجودي او المعرفي فأقله السياسي والثقافي المسيطر.
عقب إسقاط القوات المسلحة التركية مقاتلة «سوخوي 24 روسية» قالت بأنّها انتهكت المجال الجوي التركي. وأقرّت موسكو بسقوط مقاتلتها، وفي الوقت الذي ذهب فيه الكثير من الزملاء المحللين نحو ضرورة تسارع الاشتباك بين موسكو وانقرة، عنونت مقالتي العام 2015 على صفحات موقع «رأي اليوم» اللندني، تحت عنوان: إسقاط «السوخوي» يُعيد الحرارة الى خطوط التنسيق الروسي التركي، مؤكداً انه لن يجادل احد بالقول باقتصار رد «الكرملن» على ضرب السفارة التركية في موسكو بالحجارة، معيداً الموقف الاحتوائي الى القراءة الروسية التركية التي تنبع من واقع براغماتي، وأن سقوفها هو الاقتصاد والمصالح حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا في عام 2013 نحو 32.7 مليار دولار أميركي.
كيف لا، وقد أضحى اللبنانيون بمجملهم نماذج براغماتية واضحة للعيان، فكيف بسماحة السيد ودولة الرئيس وقد خبرا بعضهما زمناً من التجارب، باعتبار ان ثمن التسويات اقل فداحة من خسائر الحروب الكبيرة والغزوات مهما تكن، في الواقع اللبناني وبعد سيل من مشادات «العقد» في التأليف الحكومي تم التتويج بتصريحين احدهما لأمين عام حزب الله حسن نصر الله اسقط فيه «التواضع» بالضربة القاضية ليبادله رئيس الحكومة سعد الحريري التحية بإسقاط أبوّته في مسألة «أم الصبي»، حسناً فعل سماحة السيد ودولة الرئيس بأن خلعا قفازيهما وطرحاهما في وجه الجميع.
للوهلة الاولى قد يبدو الترابط بين المبالغة في الصراحة والحل غير قائم، ربما العكس هو الصحيح «اشتدي ازمة تنفرجي»، إنّ سياسة حافة الهاوية سقفها أن يأخذ كل طرف مصالح الآخر بعين الاعتبار وفق فاتورة واحدة مدفوعة سابقاً على غرار كل التسويات واوراق التفاهم وضمن سلة واحدة تشمل اعادة توزيع السلطة والثروة قبيل مؤتمر «سيدر» وتسوية المشادات الاقليمية تحكمها الواقعية السياسية خاصة لدى المستقبل وحزب الله، وديباجة المصالح المشتركة ليس فقط على اساس ثنائي بل بين كل المكونات السلطوية باتت معروفة للجميع حيث الحاجة باتت صريحة وواضحة ومباشرة ليس على اساس السمكة والعصفور بل على اساس السمك والماء، في الشكل والمضمون بالتضاد والتناوب على رأي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع،حيث بات الجميع في كعكة الحكومة ولديه ما يدافع عنه ويخاف خسارته باستثناء طالبي اللجوء الحكومي ما باتوا يُعرفون بسنة 8 آذار، فهل يُعيد التاريخ نفسه ويقصمون ظهر ربط النزاع القائم بشعرة الوزير المستجد، فتندلع الحرب العالمية اللبنانية على غرار الحرب التي اندلعت باغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند.

* صحافي لبناني