بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 كانون الأول 2017 12:22ص الحكومة تستعد للتصدي للمشكلات الداخلية وتهيئة الأرضية لإجراء الانتخابات

بعدما طوت أزمة النأي بالنفس وضمنت الرعاية الدولية للإلتزام بها

حجم الخط

حزب الله» الموضوع أمام اختبار النأي بالنفس أكدت مصادره الالتزام بما ورد  في صيغة التسوية الجديدة مع كل الاطراف

بعدما نجح لبنان في طي صفحة الأزمة التي فجرتها استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري في الرابع من الشهر المنصرم بفضل تماسك اللبنانيين حول دولتهم من جهة والحكمة العالية التي تحلى بها المسؤولون كافة من جهة ثانية، تحول الاهتمام إلى معالجة الأوضاع الداخلية، بدءاً بانتظام العمل الحكومي لاستكمال ما بدأته الحكومة خلال السنة الأولى من عمر العهد مروراً بالوضع الاقتصادي المتصدع وانتهاء بالعمل التشريعي والاستحقاق الانتخابي الذي لم يعد يفصل الجميع عنه سوى بضعة أشهر.
ولم يعد سراً ان جهوداً دولية تضافرت مع بعضها ساهمت إلى حدٍ كبير في هذا النجاح، والتي تشكّل بحدّ ذاتها ضمانة كافية تجنّب لبنان أية تداعيات سلبية مفترضة يخشى من ان تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وتضع لبنان مجدداً في قلب العاصفة والنيران الملتهبة من حوله.
وقد عبّرت ردود الفعل الداخلية على ما خرج به مجلس الوزراء بعد جلسته أوّل من أمس عن ارتياح واسع لما تحقق وعما يمكن ان تبني عليه الحكومة لإعادة انتظام المؤسسات وتفعيل عملها وزيادة انتاجيتها بما يتجاوب مع الآمال التي يحلم بها كل اللبنانيين، فقد أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان التسوية الجديدة، أي البيان الذي صدر عن مجلس الوزراء، لا يُشكّل ربحا لفريق أو خسارة لآخر، لأن الرابح هو لبنان الذي استطاع بوحدة أبنائه وتضامنهم والتفافهم حول مؤسساتهم الدستورية المحافظة على استقراره وأمنه وسلامته، لافتا إلى ان الأزمة الأخيرة التي مرّ بها لبنان طويت، واعداً بانتظام العمل الحكومي لاستكمال ما كانت بدأته الحكومة منذ توليها المسؤوليات حتى انفجار أزمة الاستقالة بما في ذلك اجراء الانتخابات النيابية العامة.
بدوره، رئيس مجلس النواب الذي لعب دوراً مشهوداً لإنهاء أزمة الاستقالة بالشكل الذي حصل، أعرب خلال لقاء الأربعاء النيابي عن ارتياحه لما حصل في مجلس الوزراء من اجماع على البيان الذي صدر، معتبراً انه يُشكّل خطوة إيجابية لإعادة انتظام وتفعيل عمل الحكومة لاستكمال معالجة القضايا والملفات الحيوية في البلاد وفي مقدمتها ملف النفط الذي يجب الإسراع بإنجاز كل ما يتعلق به للانتقال من مرحلة التلزيمات والاستثمار، وجدّد التأكيد على أهمية المبادرة في العمل على هذا المسار.
وكان الرئيس الحريري الذي عاد إلى ممارسة نشاطه الرسمي في القصر الحكومي بعدما اطمأن إلى الارتياح الواسع للخطوة التي اتخذها مجلس الوزراء محلياً وعربياً ودولياً عبّر عن سروره لما تمّ التوصّل إليه في مجلس الوزراء لجهة التزام جميع مكونات حكومته بمبدأ النأي بالنفس قولاً وفعلاً، معتبراً ان ما صدر كان قراراً حكومياً، وليس مجرّد بيان بالتزام كل المكونات السياسية النأي بالنفس عن الصراعات والحروب والتدخلات الإقليمية، ومؤكداً انه سيتابع شخصياً موضوع تنفيذ النأي بالنفس على الأرض. وقال: إذا لم يحصل نأي فعلي فإننا نضع لبنان في دائرة الخطر، لافتاً إلى ان مصلحة لبنان واللبنانيين الأساسية هي مع دول الخليج والأشقاء العرب، وأن أية خطوة جديدة ناقصة كالرجوع مثلاً عن التزام النأي بالنفس والعودة إلى التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج ستكون هذه المرة عواقبه جد وخيمة على لبنان وعلى اللبنانيين بصورة خاصة.
اما أبرز ما لفت الاهتمام في تصريحات رئيس الحكومة فكان اطمئنانه إلى عودة المياه إلى مجاريها مع دول الخليج ومع المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص بناء على الطريقة التي عالج بها المسؤولون اللبنانيون الأزمة السياسية الداخلية التي نتجت عن استقالته من الحكومة، موضحاً ان علاقتنا مع السعودية ودول الخليج جيدة جداً وسترونها في تحسن مستمر.
اما «حزب الله» الموضوع امام اختبار النأي بالنفس الفعلي، فقد أفادت مصادره ان الالتزام بما ورد في صيغة التسوية الجديدة أساسي وضروري من الأطراف كافة، ونحن من جهتنا سنلتزم والا لما كنا وافقنا عليها، وشدّدت في المقابل على ضرورة ان ينأى الخارج بنفسه عن التدخل في شؤوننا، لافتاً إلى ان النأي الكلامي عن مهاجمة الدول العربية وقادتها رهن بتصرفاتها، موضحة رداً على سؤال عن الانسحاب من سوريا «كل شيء بوقتو حلو»، فعندما نشعر ان الخطر الارهابي انتفى في سوريا، وبالتالي عن لبنان وبأننا انتصرنا نهائياً، عندها لكل حادث حديث.
وكان سبق ان ردد المقولة نفسها الرئيس عون عندما سئل أثناء وجوده في إيطاليا عن موعد انسحاب «حزب الله» من سوريا، وقال يومذاك ان الحزب ينسحب عندما يحقق الانتصار الكامل على داعش وينتفي خطره على لبنان وسوريا.
مصادر دبلوماسية تستخلص من ارتياح الرؤساء الثلاثة عون وبري والحريري إلى ما تمّ تحقيقه في مجلس الوزراء وتفاؤلهم بالنسبة إلى مستقبل الأوضاع الداخلية ليس وليد التفاهم الداخلي وحسب، وإنما نتيجة تأكدهم من أن ما حصل يحظى برعاية دولية واسعة تمتد من واشنطن إلى باريس فطهران والرياض، وأن هذه الرعاية في صدد اتخاذ خطوات عملية على الأرض تساهم في إرساء نأي لبناني حقيقي عن الصراعات الخارجية، وعن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الخليجية والمبادرة السريعة لإعادة ربط لبنان بعالمه العربي من موقعه المحايد.
تقول المصادر ان كل هذه الأجواء الإيجابية سيعمد المسؤولون إلى توظيفه بأسرع وقت ممكن لاستعادة الاستقرار السياسي الداخلي بحيث تسرع الحكومة في الخطوات التي كانت تعتزم اتخاذها ان على صعيد الخطة الاقتصادية التي سبق ان أعلن رئيس الجمهورية انه بصدد الانتهاء من وضعها، أو على صعيد تهيئة الأرضية الملائمة لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها في أيّار من العام المقبل لكي يستعيد لبنان موقعه الطبيعي بين الدول الديمقراطية مع كل ما يستتبع ذلك من تفعيل لعمل الحكومة والمؤسسات الدستورية.