بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 شباط 2023 12:00ص الحوار المسيحي في بكركي عطّله تقاطع القوات والمردة!

انتخاب النواب الـ64 مرشحهم فكرة واهمة تزيد الشرخ الوطنيّ

حجم الخط
يتردد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في دعوة النواب الـ٦٤ الى لقاء رئاسي جامع في بكركي انسجاما مع النداء الذي أصدره بداية شباط رؤساء الكنائس المسيحية في الاجتماع الذين عقدوه في الصرح البطريركي في بكركي.
يعود هذا التردد البطريركي إلى رفض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية المشاركة في اللقاء الجامع، كلّ انطلاقا من موقفه ومصلحته.
ولا يُخفى أن هناك من أسرّ الى الراعي أن أحدا ليس في مستطاعه مقاطعة الاجتماع متى صدرت الدعوة البطريركية السامية رسميا معطوفة على اجماع رؤساء الكنائس، وإلا يكون يضع نفسه علنا في مواجهة الإجماع المسيحي على أهمية وضرورة التوافق للحفاظ على المبادرة في الملف الرئاسي، ولكي لا يفلت زمام الأمور من أيدي المسيحيين، وتتكرر مأساة الإقصاء والتهميش بين العامين ١٩٩٠ و٢٠٠٥، حين أنتجت الوصاية طبقة سياسية مسيحية وهمية أُوكِلتْ الولاية على الجماعة المؤسِّسة، تارة باسم الخط والمصلحة والضروري والشرعي والموقت، وطورا باسم العروبة والمصلحة القومية العليا وغيرها من الشعارات البائتة.
1-تبيّن للكنيسة أن رفض قيادة القوات اللبنانية المشاركة في الحوار الجامع ينطلق من خشيتها من أن تجد نفسها في مواجهة توافقٍ لا يرضيها ويتعارض ومصلحتها، ويجرّدها من القدرة على المناورة أو على التناغم مع أي توجّه خارجي او الإستجابة إليه. لذلك اقترحت قيادة القوات أن يتم وضع آلية تنفيذية للاجتماع عبارة عن تصويت النواب الـ٦٤ لمرشّح او أكثر، على أن يفوز من يحصل على الغالبية، فيتحوّل تلقائيا الى المرشح المسيحي الأوحد الذي على المسلمين واجب تبنّيه لكي يصير رئيسا حُكميّا.
لكن الكنيسة لم تتأخر في التعبير عن خشيتها من مخاطر هذا الطرح القواتي، لأنه سيضع المسيحيين والمسلمين في مواجهة بعضهم البعض. إذ لا ضامن لأن يقبل المسلمون بالاسم المنتخَب مسيحيا. عندها يتحوّل الخلاف الرئاسي انقساما طائفيا عموديا يتخطى مسألة رئاسة الجمهورية ويزيد في التعطيل واستطرادا التطبيع مع الفراغ الرئاسي، ويُبطل ما تبقى من أمل للخروج من الأزمة بتقاطعاتها الكيانية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. الى جانب ان الطرح القواتي مستوحى لا بل متطابق مع قانون اللقاء الأرثوذكسي للإنتخابات النيابية الذي أعطى لكل من المسيحيين والمسلمين حقاً حصرياً بانتخاب نوابهم، وهو الطرح الذي تصدّت له القوات وأجهضته بذريعة عدم موافقة المسلمين عليه. فكيف لها أن تقارب انتخابات رئاسة الجمهورية بمنطق قانون اللقاء الأرثوذكسي، فيما رئاسة الجمهورية هي استحقاق على مستوى وطني، لا مسيحي أو ماروني فحسب؟

التيار الوطني الحر عندما يتحدث عن رئيس يفرض بالـ65 صوتاً يلمح إلى حزب الله ضمناً

الجواب الوحيد أن القوات اللبنانية لا تريد الحوار المسيحي لتُبقي لنفسها هامش المناورة واسعا، فكان لا بدّ من فكرة برّاقة، وإن وهمية وخيالية، تمنحها مخرج التبرّم من الحوار. حينها لجأت إلى طرح فكرة انتخاب النواب الـ64 الرئيس لإدراكها أنه شرط لا يمكن تحققه لا عمليا ولا سياسيا ولا بطريركيا ولا وطنيا. وبذلك تكون نسجت لنفسها حبل النجاة من الحوار الذي يصبّ حكما في مصلحة خصمها الأوحد، التيار الوطني الحر الذي كان أول الداعين الى الإلتقاء المسيحي على كلمة سواء تُبقي المبادرة الرئاسية في يدهم وتتيح لهم التحاور مع الشريك المسلم من أجل إنتاج رئيس محتضَن لا رئيس يُفرض عليهم فرضا بالـ65 صوتا كما أحد قطبيّ الثنائي الشيعي، وربما القطبين معها!
2-كما تبيّن للكنيسة أن تيار المردة يرفض فكرة اللقاء من أساسه لأنه سيظْهر حتما فرنجية وحيدا مجرّدا من أي صوت مسيحي وازن وفي مواجهة مباشرة مع الإجماع المسيحي لافتقاده الحد الأدنى من تأييده جماعته، مما سيفقده الورقة الأهم في ملف ترشيحه ويجعله باطلا كأنه لم يكن. وبذلك يكون قد خسر المعركة في عقر داره حتى قبل أن يُعلن رسميا ترشّحه، أو يطرحه الثنائي حزب الله حركة أمل مرشحا أوحد في صندوقة الاقتراع في مجلس النواب.