بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 كانون الثاني 2018 12:01ص الخوف من تزخيم الاقتراع المسيحي يطيّر الإصلاحات لتبقى النسبية وحيدة

لا أكثرية موصوفة بل أكثريات متفرِّقة تُوجب تشاركاً في السلطة

حجم الخط
قطع توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، الشك باليقين، وذهب أدراج الرياح همس بعض القوى السياسية برغبة العهد بإرجاء الانتخابات النيابية أو بوجود ضغط دولي لتحقيق ذلك. وسبق لقريبين من العهد أن إستغربوا ترويج بعض القوى لهذه المقولة، إنطلاقا من أن العماد ميشال عون يوم كان رئيسا لتكتل التغيير والإصلاح، كان الوحيد بين القوى والأحزاب السياسية الذي عارض التمديد المتكرّر لمجلس النواب منذ العام 2013، بما أدّى فعليا الى التمديد ولاية كاملة للمجلس، خلافا للتوكيل الشعبي الذي مُنح إليه حصرا لأربعة أعوام.
وتعتبر مصادر سياسية أنّ كلّ الترويج عن رغبة رئاسية بإرجاء الإنتخابات يهدف الى أمر واحد فقط، وهو إجهاض الإصلاحات التي وردت في قانون الإنتخاب والتي كان من شأنها تزخيم الإقبال المسيحي خصوصا على الإقتراع، وبالتالي تغيير وقائع إنتخابية عدة في أكثر من دائرة، وخصوصا تلك التي كانت المشاركة المسيحية فيها في الحدود الدنيا، نظرا الى مجموعة من الظروف، أهمّها إنعدام قيمة الإقتراع في ظلّ الصيغة الأكثرية التي أنتجت مجالس نواب يعيبها التمثيل المجتزأ منذ الإستقلال، مرورا بأعوام جمهورية الطائف.
وتشير المصادر السياسية الى أنّها لا تزال تنظر بإستغراب الى ثبات بعض القوى على مقولة ان أي بحث في تعديل قانون الإنتخاب لجهة تمديد مهلة تسجيل المغتربين الى منتصف شباط تلبية لرغبة كبيرة لدى هؤلاء، وقد رصدتها بدقة وزارة الخارجية والمغتربين، سيؤدي الى تطيير القانون، وهو أمر غير مفهوم إلا في سياق الخوف من تزخيم الإقتراع المسيحي وتأثيره في المعادلة. تضيف المصادر: لم يبق من الإصلاحات التي تمّ التوافق عليها والتي مهّدت للإتفاق على قانون الإنتخاب الحالي، إلا صيغة النسبية والتي تتيح، في حال جُرّد القانون من الإصلاحات، لفريق واحد زيادة حصته من النواب، في مقابل تراجع حصص الآخرين، سنيا ومسيحيا ودرزيا. من هنا يمكن فهم هذا الإصرار على الحدّ قدر الإمكان من الإقتراع المسيحي الكثيف.
وسط هذه الأجواء، يرى مراقبون أنّ ما جرى في قانون الإنتخاب وإصرار الرئيس نبيه بري على طيّ صفحة الاصلاحات نهائيا، بإشارته الى استحالة هذا الموضوع مع قرب بدء الحملات الإنتخابية مع فتح باب الترشيحات في الخامس من شباط المقبل، هو في جزء منه ترجمة للريبة التي ينظر من خلالها البعض الى الدور الذي استعاده المسيحيون في السلطة وما يعملون على استعادته في الإدارة، بعد أعوام من التهميش والاستبعاد، حيث أنّ الفرقاء الذين استفردوا بحكم البلد منذ الطائف وحتّى ما قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، من غير السهل عليهم تقبّل هذه العودة، معطوفة على التناغم الذي يحكم العلاقة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وانعكاسه في الانتخابات النيابية المقبلة على صعيد التحالف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ. 
ويضيف المراقبون أنّ عدم حلّ الاشتباك المستمرّ بين بعبدا وعين التينة حول مرسوم الأقدمية ليس بعيدا من هذه المشهدية، مشيرين إلى أنّ تفرّغ الفرقاء كافة لاستحقاق الانتخابات النيابية في الأسبوع الأوّل من أيّار سيرفع منسوب الخطاب والمواقف، ولكن هذه المرّة بخلفية سياسية أكثر منها طائفية ومذهبية على عكس استحقاق الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في العام 2009. ويرى المراقبون في هذا الأمر مؤشّرا إيجابيا، مشيرين الى أنّ الإيجابية الأكبر تكمن في ضبابية النتائج الانتخابية هذه المرة، مع عدم قدرة أيّ فريق على كسب أيّ أكثرية، منفردا، ما يعني أنّ السلطة التي ستخرج من رحم الانتخابات ستكون حكما تشاركية.