بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 أيلول 2019 12:00ص الدولة غائبة

حجم الخط
الرسائل التي وجهها الموفد الفرنسي لمتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» الذي عُقد في فرنسا مطلع الربيع الماضي بمسعى من الحكومة الفرنسية بيار دوكان، إلى الدولة اللبنانية بكل اركانها، شكلت صدمة للبنانيين الذين كانوا يتوقعون من مُنسّق «سيدر» ان يعطي انطباعاً ايجابياً عن الخطوات الإصلاحية التي قامت بها الحكومة اللبنانية حتى الآن استجابة لمتطلبات «سيدر» على هذا الصعيد، أو على الأقل ان يحصل منها على ضمانات اكيدة بأنها ما زالت ملتزمة بتعهداتها السابقة لتنفيذ كل هذه المتطلبات.

الموفد الفرنسي الذي لا يرى بأن هناك حلولاً سحرية للأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تتخبط بها الدولة اللبنانية، على مدى العقود الثلاثة الماضية، اعتبر أيضاً وبكلام لا لبس فيه انها (الدولة اللبنانية) لم تُقدم حتى الآن على أية خطوة في الاتجاه الصحيح، ما عدا إصدار موازنة العام 2019 بعد تأخير زاد عن النصف عام، والتي تضمنت بعض الإصلاحات التقشفية التي لا تفي بالغرض المطلوب منها، الأمر الذي حدا ببعض الدول التي شاركت في مؤتمر «سيدر» إلى التشكيك في صدقيتها، وفي الوقت نفسه التزامها بتحقيق الإصلاحات المطلوبة منها، بدءاً بالكهرباء مروراً بإصلاح النظام التقاعدي والجمركي وآلية مكافحة التهرب الضريبي، وتخفيض الاعفاءات الضريبية وانتهاء بوضع خطة مستدامة لخفض الانفاق وزيادة الإيرادات.

صحيح ان الموفد الفرنسي لم يفقد الأمل نهائياً من الدولة اللبنانية، الا ان الصورة التي قدّمها بعد ان اطلع على الوضع السائد وناقشه مع أركان الدولة تركت انطباعات سلبية عند اللبنانيين الموعودين من الدولة بأنها ماضية بكد وجد في العمل الدؤوب على تحقيق الإصلاحات التي تمكن لبنان من تجاوز هذه الأزمة المقيتة من جهة، واستعادة ثقة المجتمع الدولي به من جهة ثانية، وهذا بدوره يطرح السؤال نفسه الذي يسمعه المرء في كل مكان، عن مصير ورقة العمل التي أقرّت في اجتماع بعبدا الموسع، وهل ستعكف الحكومة صاحبة السلطة الاجرائية على تنفيذ كل بنودها ضمن المهلة التي حدّدها لها دوكان أم انها كالعادة، ستغرق نفسها في المناقشات البيزنطية التي لا تنتهي الا بعد فوات الأوان، وتفويت الفرصة المعطاة لها من الموفد الفرنسي المكلف من حكومته متابعة مقررات مؤتمر «سيدر» الخاصة بالدولة اللبنانية، الذي كان واضحاً في إبلاغ جميع المسؤولين الذين التقاهم خلال زيارته ان لا يكون هدفهم من الإصلاحات المطلوبة إرضاء الخارج، وإنما لخدمة الشعب والمؤسسات اللبنانية وللنهوض باقتصاد لبنان الذي وصل إلى حافة الانهيار نتيجة السياسات الخاطئة والعشوائية المتبعة منذ عدّة عقود من الزمن، فهل تلقف اركان الدولة بإيجابية نصائح سفير «سيدر»؟ وهل سيباشرون فعلاً بالعمل على الاخذ بها، قبل انتهاء مهلة الستة أشهر، سواء من خلال موازنة العام 2020 التي يفترض ان تقرها الحكومة في موعدها، أو من خلال ورقة العمل التي أقرّت في اجتماع بعبدا الموسع، أم ان تضارب المصالح بين الممسكين بالسلطة سيطيح بكل هذه المقومات؟

أوّل رد على الموفد الفرنسي جاء من الرئيس الحريري بعدما تلقى جرعة دعم من الرئيس الفرنسي ماكرون وهو اعتراف صريح منه بأن الدولة مقصرة في تحقيق الإصلاح المنشود في كل مرافق الدولة ومرافئها، وعليها ان تبدأ منذ الآن بالعمل الجدي والدؤوب وفق خطة متكاملة لتحقيق كل الإصلاحات، واعتبر الرئيس الحريري ان ما صرّح به الموفد الفرنسي ليس شروطاً على لبنان كما فسرها البعض بل هي حقيقة نتحمل نحن كمسؤولين في الدولة مسؤولية كاملة عن التباطؤ الحاصل على هذا الصعيد.

الرئيس الحريري لم يوفّر في رده على نصائح الموفد الفرنسي الطبقة السياسية، بوصفها تتحمل مسؤولية عرقلة الإصلاحات التي تعيد لبنان الى موقعه الطبيعي.