بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تشرين الأول 2017 12:03ص الرئيس القوي؟!

حجم الخط
في 31 الجاري يُطفئ الرئيس ميشال عون الشمعة الأولى من رئاسته التي تمتد ست سنوات في ظل استمرار تلك التسوية التي أتت به إلى رئاسة الجمهورية بعد تعطيل متعمد للانتخابات دام سنتين ونصف السنة من عمر الجمهورية، وعلى الرغم من كل ما قيل وما يقال، وما سوف يقال في الفشل والنجاح خلال تلك السنة التي انقضت بطيئة، واحياناً كثيرة ثقيلة، بسبب تداعيات ما يحصل من تطورات دراماتيكية في المنطقة القريبة والبعيدة على الأوضاع الداخلية من سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، وفي كل الأوجه، لكنها لم تكن سلبية بالمعنى الحصري للكلمة، بل شهدت حركة ناشطة لإعادة لملمة الدولة المهترئة، من وضع قانون جديد للانتخابات النيابية على أساس النسبية مع ما يشوبه من شوائب دفعت برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لأن ينعته بالغريب العجيب، ولم تكن مواقف باقي الأحزاب منه أقل غرابة.
ولم يكن هذا القانون هو الإنجاز الوحيد الذي تحقق في السنة الأولى بل هناك أهم منه وأكثر تأثيراً في إعادة بنية الدولة المشلولة بفعل التجاذبات الداخلية والوصايات الخارجية، وفي انتظام مؤسساتها، إلى حدّ زال خطر اعتبارها دولة فاشلة، من تعيينات وتشكيلات شملت الأجهزة الأمنية والقضائية والدبلوماسة ما يؤشر بدوره على ان البداية كانت إيجابية ولو في حدودها الدنيا، لأن اللبنانيين عوّلوا على الرئيس القوي وعلى ابوته وبنوا عليها الآمال الكبار، وقياسا على هذه المقولة، يصح القول فيه انه جاء مخيبا لبعض الآمال، وما زال اللبنانيون ينتظرون من هذا الرئيس القوي أن يستخدم قوته في إصلاح الحال وإبعاد شبح الخطر عن الدولة، الذي ما زال يتهددها بفعل التسويات التي تتم على حسابها، ومن رصيد الحكم القوي الذي يجد اللبنانيون انهم بأمسّ الحاجة إليه في زمن تعصف فيه المخاطر من كل حدب وصوب.
يقولون ان التركيبة العجائبية للسلطة في هذا البلد تمنع الرئيس القوي من ان يستقوي بأفكاره وخططه للنمو الاقتصادي والاجتماعي، وهذا قول صحيح إلى حدّ كبير، وقد أكدت السنة الأولى على صحته، وإن كان الرئيس لا يزال متفائلاً بأن تعطيه قوته، حق فرض الحلول والخطط والاستراتيجيات في ما تبقى له في سدة الرئاسة الأولى، وهو ليس بالقليل ويمكن خلاله ان يحقق هذا العهد الكثير بشرط ان يُخرج نفسه من موقع الرئيس الفئوي أو الرئيس الحزبي ليكون رئيساً لكل اللبنانيين.
إن الفرصة امام سيّد العهد لتحقيق ما يصبو إليه اللبنانيون لم تسقط بعد، ومن الطبيعي ان لا تطلق عليه الاحكام بالفشل والنجاح بعد سنة على دخوله إلى بعبدا، فالتراكمات الموجودة على مدى عدّة عقود وفي عهد الوصاية السورية، لا يمكن الانتهاء منها في سنة ولا حتى في عدّة سنوات، لكن المهم ان يستخدم الرئيس القوة الناعمة لأن الإصلاح لا يأتي بالتراضي والتسويات.