بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 حزيران 2019 12:00ص الرهان الخاسر

حجم الخط
قد لا يختلف اثنان على ان الرئيس سعد الحريري، كسب مجدداً رهانه على صمود التسوية الرئاسية التي ثبتت اقدامه في السراي الحكومي الكبير بعد تشظيها نتيجة جنوح رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، نحو الامساك وحده بالسلطة الاجرائية، والتصرف كما كان عليه الحال قبل اتفاق الطائف. أي على أساس أن كل صلاحيات الحكم منوطة برئيس الجمهورية غير المسؤول أمام مجلس النواب، فهو القابض وحده على الحكم.

أما رئيس الحكومة فلا يملك من الصلاحيات سوى الاشراف على تنفيذ ما هو مقرر، ما حدا بالرئيس المرحوم صائب سلام إلى الانتفاضة على هذا الواقع، والمطالبة بالشراكة الحقيقية حتى لا يبقى رئيس الحكومة باش كاتب عند رئيس الجمهورية مجرداً من أية صلاحيات، تجعل منه شريكاً في السلطة الاجرائية ولو بالحد الأدنى. 

لكن الصحيح أيضاًً انها ليست المرة الأولى التي تتصدع فيها التسوية الرئاسية نتيجة تصرفات الوزير باسيل التي لا تقيم أي اعتبار لمقتضيات هذه التسوية وشروطها المعلن منها والسري، وبالتالي لا يُمكن التعويل على ما حصل، واعتبار أن التسوية المعهودة عادت وسلكت طريقها الصحيح على قاعدة ما لقيصر لقيصر، لأن الواضح من المنحى العام لمسار التطورات الداخلية انه كان وراء قبول وزير العهد بإعادة ترميم التسوية الرئاسية مصلحة شخصية تتعلق بالتعيينات وملء المراكز الشاغرة في الإدارات العامة وحرصه على ان يستأثر تياره بكل حصة المسيحيين، والدور المساعد الذي يُمكن ان يلعبه رئيس الحكومة على هذا الصعيد عندما يطرح الملف على مجلس الوزراء، ما حدا برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي إلى وصف هذه التسوية بصفقة الغرف المذلة، وبرئيس القوات اللبنانية إلى الانتفاضة على سلوك وزير العهد، وعلى جنوحه للاستئثار بحصة المسيحيين في التعيينات الجاري الاعداد لها على قدم وساق وايفاده وزير الإعلام السابق ملحم رياشي إلى رئيس الجمهورية ناقلاً إليه رسالة احتجاج على سياسة رئيس التيار الوطني التي من شأنها أن تطيح بالتعاون المطلوب بين القوات والرئاسة الأولى. 

هذا التعاون الذي شكل الرافعة الرئيسية للتسوية التي أنهت الفراغ وأعادت الانتظام إلى المؤسسات الدستورية في البلاد، وفتحت الطريق أمام استعادة الشراكة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين. علماً بأن هذا الجنوح عند وزير العهد لإعادة عقارب الساعة إلى ما كان عليه الحال قبل اتفاق الطائف وما أحدثه من تعديلات على نظام الحكم، لن يحد منه تفاهمه الأخير مع رئيس الحكومة، ذلك لانها ليست المرة الأولى التي يقع فيها الخلاف بين الوزير ورئيس حكومته، ولن يكون الأخير ما دام وزير العهد مصمماً على الامساك بكل مفاصل الدولة، وعدم الاعتراف بالآخرين كما هو واقع الحال كشركاء في السلطة بما في ذلك رئيس الحكومة الذي منحه اتفاق الطائف صلاحيات واسعة، كانت قبل الطائف بيد رئيس الجمهورية وذلك بموافقة الفريق المسيحي للتدليل على ان لبنان لا يحكم الا بالشراكة الفعلية والعادلة بين كل مكوناته. أما الذين يراهنون على صمود التسوية الرئاسية استناداً إلى التفاهم الذي حصل بين الرئيس الحريري ووزير العهد الأسبوع الماضي في بيت الوسط، سيكتشفون في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، وعندما يُوضع ملف التعيينات على طاولة مجلس الوزراء انهم كانوا مخطئين في رهانهم، وهذا ما ذهب إليه رئيس حزب الكتائب اللبنانية الشيخ سامي الجميل بقوله ان التسوية الرئاسية لم تقم سوى على المحاصصة والزبائنية ويدفع اللبنانيون وحدهم ثمنها.