بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 تموز 2020 08:16ص الزيارات الثلاث: الإصلاح قبل الإنهيار والحدود واليونيفيل والصواريخ الدقيقة

قوى سياسية تجهض خيار صندوق النقد كي تواصل الرقص بين قبور اللبنانيين

حجم الخط
تستمر قوى سياسية في الرقص بين قبور اللبنانيين. تعيش حالاً مزرية من الإنكار Denial المؤدي الى رفض قبول حقيقة أن الإنهيار الحاصل لن يبقي أو يذرّ حتى تحكم لبنان أو تتحكّم به، فيما يقتصر الكثير من المعالجات الحكومية على ذرّ الملح على الجرح المتفاقم زغلاً، ويكتفي رئيس الحكومة حسان دياب بالإيحاء من دون التسمية المباشرة، عند إتهامه مسؤولين بإفتعال أزمتي الكهرباء والطاقة وقنص المساعدات الخليجية، في حين أن أصابع الإتهام والريبة تصيب مسؤولَين حكوميَين سابقَين لم يوفرا جهدا، داخليا لمحاولة تهريب باخرة الفيول الشهيرة، وخارجيا لتعطيل أي فكرة عربية لتقديم مساعدات الحد الأدنى!

مآل الرقص بين قبور اللبنانيين واحدٌ: تعمّد تعطيل الإصلاحات المطلوبة دولياً للافراج عن النذر من المساعدات، حماية لمكاسب حزبية تراكمت على مدى الاعوام الثلاثين الفائتة، وفق ممارسات ميليشيوية تأسست على السطو على المال العام رغبة في إستدامة التمويل السياسي – الحزبي، ثمناً للقبول بوقف الحرب والموافقة على دستور الطائف، تمهيدا للإنتقال الى السلم الهش، وهو حال بين منزلتي الحرب الأهلية التي أنهت وظيفتَها الدولُ المتحكّمة بمسارها، والدولة القوية غير المحقّقة بعد والتي مقَتتْها الميليشيات ولا تزال، تماما كما تمقتُ وتقاتل كل داعٍ الى إرسائها أو مبشّر فيها.

الغريب في ما يحصل راهنا أن تلك القوى – الميليشيات لا تألو جهدا لإجهاض خيار صندوق النقد الدولي عبر وأد إمكانية الإصلاح وتشويه خطط الإنقاذ، وهو الخيار الأخير لإنقاذ ما تبقى من الهيكل، فيما اللبنانيون يتمسكون بالصندوق كخشبة خلاص لإنهاء أنينهم ولا يجدون سواه مخرجا لأزماتهم، مع إدراكهم المسبق بأنهم سينوؤون تحت شروطه التقشقية القاسية. لكن تلك الشروط هي بالنسبة إليهم الوسيلة الوحيدة لقطع دابر فساد الطبقة الميليشيوية وسطوتها على مالهم العام، وعلى أحلامهم.

ترسيم الحدود البحرية جنوباً.. بند حيوي على جدول زيارة مرتقبة لشينكر

وليس مستغرباً، والحال هذه، أن يؤم اللبنانيون شطر الخارج بحثا عن صوت ضمير ينهي مسؤوليهم عن حال الإنكار الملازمة لهم ولأدائهم. فيصبح قُبلتهم وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان الذي يستعدّ لرفع الصوت في بيروت إستكمالا لنداء الإستغاثة الذي أطلقه في مجلس الشيوخ (ساعدونا لنساعدكم)، ويرنون بحثا عن طاقة امل لو صغيرة في زيارة قد يقوم بها قريبا مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، وينتظرون بفارغ الصبر زيارة وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني علّها تأتي ببعض ما يقيهم شر العوز وذل الجوع، بعدما تبيّن لهم أن أبواب الخليج لا تزال مقفلة في إنتظار أن يستوي حزب الله حيث يُراد له أن يستوي، حصراً بين جنبيّ لبنان، لا خارجه.

في المتداول أن:

أ-الزيارة الفرنسية هي بمثابة إنذار أخير للمسؤولين المتقاعسين عن البدء بتنفيذ الإصلاحات التي إتُّفق عليها من ضمن الدينامية التي كان من المقرر أن يطلقها مؤتمر سيدر والتي لا تزال عالقة لهذا السبب، والتي في الوقت عينه هي باب الولوج الى برنامج يقرّه صندوق النقد الدولي من شأنه أن يعيد تنشيط الرغبة الدولية بالمساعدة.

ب-فيما الزيارة القطرية لن تخرج عن سياق تجديد الإستعداد للدعم لكن ليس من خارج السياق الدولي الحاضّ على الإصلاح والذي تحرص واشنطن على أن ينضبط كلّه تحت مظلتها.

ج-أما زيارة شينكر، في حال صدقت التوقعات بحصولها (تردد أن مسؤولين لبنانيين أُعلموا بها لكن من دون تحديد التوقيت وجدول الأعمال)، فستتناول ملفاً بالغ الاهمية أميركياً وهو النظر في إمكان إستئناف المفاوضات الآيلة الى ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مدخلا الى إستقرار نسبي تبحث عنه الإدارة الأميركية ينسحب إيجابا على النزاع الغازي اللبناني – الإسرائيلي، الى جانب التداول في قواعد إشتباك جديدة لليونيفيل عشية بحث مجلس الأمن في قرار التجديد لها. ومعروف أن واشنطن تلوّح بوقف التمويل أو خفضه مما سيؤدي حكما الى تقليص عديدها وينسحب سلبا على تأديتها مهامها (المساهمة الاميركية تناهز الـ300 مليون دولار) في حال عدم الأخذ بملاحظاتها، وأبرزها عدم قدرة اليونيفيل على الدخول الى أي موقع في الجنوب من دون التنسيق مع الجيش اللبناني، إضافة الى خريطة إنتشار قواعد الصواريخ الدقيقة وما تراه الحكومة الإسرائيلية تخفياً لحزب الله وراء أهالي القرى الجنوبية الحدودية ودور جمعية «أخضر بلا حدود» في غرس الأشجار التي تعطّل عمل المنظومة الإستخباراتية الإسرائيلية.