بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 أيلول 2017 01:12م السقوط في الهاوية

حجم الخط

لبنان الرسمي في حركة ناشطة لترتيب البيت الداخلي ورصد الأبواب لمنع دخول أية رياح خارجية يمكن أن تتأتَّى جرّاء التسوية السياسية في سوريا التي يكثر هذه الأيام الحديث عنها، هذا بالإضافة الى سد التصدع الناجم عن الاختلاف بين القوى السياسية في شأن ملابسات قتل داعش للعسكريين الذين خطفتهم في أحداث الثاني من آب عام 2014، وفي الخارج يستمر الرئيس سعد الحريري في لقاءاته مع كبار المسؤولين الروس، وعلى رأسهم الرئيس بوتين الذي سيجتمع به اليوم عارضاً على الدولة العظمى توسيع مجالات التعاون بين البلدين لتشمل إضافة إلى التبادل التجاري، شراء الأسلحة من روسيا لتعزيز تسليح الجيش اللبناني الذي سجل بطولات يذكرها تاريخ الحروب في عملية جرود عرسال ضد التنظيم الارهابي والذي استحق على أساسه إشادات دولية واسعة، وذلك في وقت يستعد فيه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لترؤس وفد لبنان إلى الأمم المتحدة، ولقاء عدد من رؤساء الدول الذين سيشاركون في الدورة وبينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تلقى أمس من الرئيس عون برقية لمناسبة ذكرى أحداث 11 أيلول 2001 فكانت معبّرة عن إصرار لبنان من منع الارهابيين من تحقيق غاياتهم وأهدافهم ليعيد التذكير في هذه المناسبة بالإنجاز التاريخي الذي حققه الجيش وهو تحرير كل الأراضي اللبنانية من تنظيم داعش.
غير أن هذا التحرّك الرسمي الداخلي والخارجي لم يوقف السجال المحتدم منذ خروج داعش من جرود القاع ورأس بعلبك بناءً على رغبة حزب الله، بل ازداد ضراوة بعد التصريحات التي أطلقها حراس القصر الجمهوري وفي مقدمهم وزير الخارجية جبران باسيل والتي تطالب بوجوب تحديد المسؤوليات السياسية والعسكرية حول ملابسات خطف العسكريين وقتلهم عبر تحقيق قضائي بدأ فعلاً بالمذكرة التي وجهها الأسبوع الماضي وزير العدل إلى مدعي عام التمييز إضافة إلى الموقف الأخير المتشدد على هذا الصعيد الذي أطلقه بالأمس رئيس الجمهورية، وهذا من شأنه ان يُعيد حالة الانقسام الداخلي بين القوى السياسية والحزبية ويهدد بالتالي التسوية التي انتجت انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة وإنجاز قانون جديد للانتخابات النيابية وإقرار سلسلة الرتب والرواتب بالرغم من بعض الشوائب التي تعتريها والتي حملت المجلس الدستوري إلى قبول الطعن المقدم من عشرة نواب وتعليق العمل بقوانين الضرائب التي أقرها مجلس النواب بمعزل عن الموازنة العامة من أجل تمويل هذه السلسلة.
السجال الدائر والمواقف التصعيدية التي أطلقت من جانب حزب الله ورئيس التيار الوطني عكّرت أجواء الوفاق التي كانت سائدة ووضعت البلد أمام مفترقات خطرة أقلها إعادة الانقسام الذي كان سائداً قبل التسوية الرئاسية مما يؤدي إلى شل الحكومة ومعها كل الخطط التي وضعها العهد والتي يأمل من خلالها ان تستعيد الحركة الاقتصادية الجامدة دورتها العادية لكي يرتفع معدل النمو هذه السنة ويزداد في السنوات المقبلة، إضافة إلى أمور أخرى جوهرية تتعلق بإعادة النظر في الإدارة من خلال مناقلات وتعيينات جديدة بإشراف مجلس الخدمة المدنية كمقدمة لإعادة وضع الإدارة العامة على السكة السليمة لجهة وقف الرشوى المتفشية فيها أو لجهة وقف الهدر الذي يفوق عدّة مليارات من الدولارات سنوياً.
النّاس تأمل أن يتفهم من هم في السلطة هذه النتائج المترتبة على خلافاتهم العقيمة ويعيدوا النظر في حساباتهم قبل ان يسقط البلد وهم معه في الهاوية.

[email protected]