بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تشرين الأول 2019 06:00ص الشعب مصدر السلطات

حجم الخط
الشعب في كل الأنظمة الديمقراطية مصدر السلطات وكلمته هي الأولى والأخيرة، وها هو الشعب اللبناني قال كلمته وسحب ثقته من الطبقة الحاكمة، فما على هذه السلطة إلا أن تستجيب لقراره، وتنسحب من الحياة السياسية، لأن كل دقيقة تبقى فيها، هي خرق فاضح للديمقراطية واغتصاب للسلطة، يتوجّب على الشعب نفسه أن يحاسبها، ويُنزل بها أقصى العقوبات. 

فالديمقراطية بمعناها القديم والحديث تعني حكم الشعب بالشعب ولأجل الشعب، ما معناه أن الشعب هو مصدر كل السلطات، ولا سلطة تعلو فوق سلطته. والسؤال لماذا لم يستجب بعد أرباب السلطة من حكومة ومجلس نواب للقرار الذي أصدره الشعب ويذهبون الى بيوتهم حتى لا نقول أكثر لا أن يستمروا في اغتصاب السلطة رغماً عن إرادته التي تجلت في أعلى مراتبها بالتظاهرات المليونية التي عمت كل لبنان، بمدنه وبلداته وكل دساتره، فبمن يستقوي هؤلاء المغتصبون، هل يستقوون بزبانيتهم وأزلامهم المدججين بالسلاح لقمع الشعب المسالم، أم ما زالوا يعتقدون بأن هذا الشعب سوف يتراجع  تحت الضغط عن قراره ويستسلم للأمر الواقع ، حتى ولو حصل ذلك، وهو لن يحصل، فالشعب نزع الشرعية عنهم وكلهم من مجلس نواب ومجلس وزراء بعدما أخذ قراره بنفسه وبالأحرى استعاد سلطته التي لا تعلو فوقها أية سلطات أخرى، كما يدعي هؤلاء الذين ما زالوا يتمسكون بكراسيهم رغماً عن الإرادة الشعبية.

قلنا منذ اليوم الأول لنزول الشعب إلى الشارع، لاسترجاع حقوقه المغتصبة من أقلية ضئيلة متحكمة، ان هذا الشعب لن يتراجع عن الثورة التي أطلقها  في جميع الساحات والتي تشكّل خشبة الخلاص من هذه الطغمة الفاسدة التي استولت على السلطة وصادرت إرادته، وها هو بعد مرور أسبوع وأكثر ما زال في الشارع يدعو جلاديه، لأن يرحلوا لأنهم لم يعودوا يمثلونه لا من بعيد ولا من قريب، بل تحولوا إلى مغتصبي سلطة، متمترسين وراء مئات أكياس المليارات من الدولارات التي نهبوها من أموال بلا حياء ولا خجل. ونقول بعد أسبوع من اندلاع شرارة الثورة السلمية ان الشعب اللبناني الحضاري الذي استحوذ على إعجاب كل العالم بثورته الحضارية لن يتراجع عن قراره بسقوط هذه الطغمة، وسوف يستمر في الساحات، وفي كل مكان من أرض وطنه إلى أن ترحل هذه الطغمة كلها، وإلى أن يستعيد قراره في اختيار من يجب أن يمثلوه ويتحدثون باسمه في المجلس النيابي وفي السلطة الاجرائية، وهو لن يستكين ولن يتراجع إلا بعد أن يحقق أهدافه الوطنية ويستعيد كل حقوقه المغتصبة من أولئك الذين ما زالوا يتربعون على كراسٍ ليست ملكاً مكتوباً لهم، وإنما هي ملك الشعب، مصدر وصاحب كل السلطات.

وهنا لا بدّ من سؤال هذه السلطة المغتصبة لماذا ما زالوا يتعامون عن الحقيقة ويهربون منها إلى الامام، هل لاعتقادهم بأن هذا الشعب الذي نزل إلى الشارع بأطفاله وشبابه وشاباته وكهوله، سيتعب ويتراجع، فإذا كانوا ما زالوا يعتقدون ذلك فهم مخطئون وسوف يندمون على كل ذلك لأن الشعب قال كلمته، وعندما يقولها لا بدّ أن يستجيب القدر بل سيستجيب حتماً لأن الشعب هو مصدر كل السلطات وصاحب القول الفصل .