بيروت - لبنان

اخر الأخبار

5 تشرين الثاني 2020 06:29ص الصراع في الملف الحكومي على النفوذ والحصص وقوى في السلطة تعمل لضرب التدقيق المالي

المراهنة على الانتخابات الأميركية تطيل أمد الأزمة وتوسع الشرخ بين اللبنانيين

حجم الخط
لن تجدي المراهنة اللبنانية على نتائج الانتخابات الأميركية، إلا مزيداً من تضييع الوقت وإطالة أمد الأزمة وتعميق الانقسامات الداخلية أكثر فأكثر، الأمر الذي يتطلب الكف عن هكذا مراهنات عقيمة كانت سبباً في اتساع رقعة الشرخ بين اللبنانيين الذين انساقوا وراء سراب أوهامهم مع كل انتخابات رئاسية أميركية لم يحصد منها هؤلاء المراهنين إلا الخيبة والفشل. وإن كان هناك من المتابعين للملف الأميركي الذين يعتقدون أن نتائج هذا الاستحقاق الرئاسي، لا تؤثر في مصير سياسات كبرى يمكن أن تتبدل بين إدارة أميركية وأخرى. وإن كانت هناك استراتيجيات ثابتة في عمل الإدارات الأميركية، في مقابل وجود أمور متحولة، لكن الثابت لدى كل هذه الإدارات هو المصلحة الإسرائيلية بالدرجة الأولى.

وتشير أوساط سياسية إلى أن أي إدارة أميركية جديدة، سواء جمهورية أو ديمقراطية ستجد نفسها مضطرة للسير في المسار الذي ينسجم مع الاستراتيجية المؤيدة لإسرائيل، كما فعل الرئيس دونالد ترامب عندما وضع موضوع السلام في المنطقة أولوية، في سياق محاولة إنهاء ملف الشرق الأوسط النزاعي، لافتة إلى أنه حتى لو فاز جو بايدن بالرئاسة الأميركية فإنه لن يتمكن من تبديل جدول الأعمال المتعلق بمواصلة المسار السلمي، وكذلك الأمر أن يجري أي تغيير في مواجهة إيران وفك عزلتها، باعتبار أن ملف السلام وإيران مرتبطان. أي أن مد جسور السلام بين إسرائيل وبعض الدول العربية، أدى إلى مزيد من محاصرة إيران على المستوى الإقليمي.

الادارة الأميركية الجديدة لن تتخلى عن سلاح العقوبات

وتعتبر أن لبنان الذي هو جزء من ملف السلام، لن تختلف النظرة الأميركية الجديدة إليه، سواء بقي ترامب أو جاء بايدن، في سياق الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، مشددة على أنه ومن خلال التجارب السابقة فإن الأميركيين ما كانوا يوماً ضنينين بمصلحة اللبنانيين، وإنما كانوا يضعون مصالحهم ومصالح إسرائيل أولوية على ما عداها. وهذا الأمر يفرض بالمسؤولين اللبنانيين أن يضعوا هذه الحقيقة أمامهم، ويبادروا إلى الكف عن أي مراهنة على الإدارة الأميركية الجديدة، وتالياً الإسراع في تشكيل حكومة تضع مصلحة الشعب اللبناني أولوية، لأن مشكلات لبنان تستوجب خطة إصلاحية شاملة من خلال وجود حكومة قادرة وموثوقة.

وتؤكد الأوساط، أن الإدارة الأميركية الجديدة لن تتخلى عن سلاح العقوبات الذي فعلته بشكل غير مسبوق إدارة ترامب، انطلاقاً من السياسة التي وضعتها في محاصرة إيران، والعمل في المقابل على ضرب أذرعها في المنطقة، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وهذه السياسة كانت فريدة من نوعها بشهادة الخبراء، وهذا ما أدى إلى إنهاك النظام الإيراني وشل أداء أذرعه في المنطقة ومن بينها «حزب الله»، عدا عن التداعيات البالغة السلبية التي أصابت النظام السوري في السنوات الأخيرة. ولذلك من غير المستبعد أن يصار إلى حصول تراجع عن استخدام هذا السلاح الذي ستبقى واشنطن مصرة على استعماله لأنه أثبت فاعليته وجدواه.

وترى أنه من المبكر أن تؤثر نتائج الانتخابات الأميركية على طبيعة الحكومة التي ستولد في الأيام المقبلة، باعتبار أن الصراع القائم في الموضوع الحكومي، هو صراع نفوذ ومواقع وحصص، وربطاً بالمرحلة المقبلة، وإن كان هناك من يتوقع تشدداً أكثر في عملية التأليف إذا أعيد انتخاب ترامب، لكن ذلك يبقى تفصيلاً، باعتبار أن تأليف الحكومات في لبنان كان دائماً مثار أخذ ورد بين المعنيين، مشيرة إلى أن هناك صعوبات تعترض السير بالتدقيق الجنائي المالي، لأنه موضوع شائك ومعقد وهناك متضررون من تنفيذه، وبما سيكشفه من وقائع وحقائق دقيقة للغاية. وقد بدا واضحاً أن هناك من يعمل على عرقلته كي لا يفتضح أمره، ما يشير بوضوح إلى أن هناك تقاطعاً على استبعاد هذا التدقيق، لأنه قد يبدأ بمكان ولا ينتهي في أمكنة أخرى، وهذا يتعارض مع مصالح أطراف وقوى عديدة في البلد.

وتشدد على أن كل المكونات السياسية الممسكة بمفاصل السلطة والمشرفة على إدارات حساسة ومحددة، ليست في وارد القبول بالتدقيق المالي، لأن سيكشفها ويعريها أمام الرأي العام، ما يدفعها إلى وضع العراقيل أمام أي محاولة من هذا النوع، للتغطية على فسادها وإفسادها، تماشياً مع مقولة «مرقلي تمرقلك»، وهو الأسلوب السائد في الكثير من الإدارات والمؤسسات، وهذا ما يسمى بـ«الفساد المحمي».