بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تموز 2018 12:15ص الضغوط المحلية أسهمت في تسريع الحل الروسي - الأميركي لمسألة النزوح

العودة لن تتم بين ليلة وضحاها لكنّ المسار أصبح متعذّر الإلغاء

حجم الخط
بات ملف عودة النازحين الى سوريا عنصرا ضاغطا، بالمعنى الإيجابي، على المعنيين في تأليف الحكومة، نظرا الى أن الحاجة باتت ماسة لتأليف حكومة قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة على هذا المستوى غداة قمة هلسنكي التي قدّمت النازحين بندا أساسيا في المفاوضات الدولية الآيلة الى إرساء حل سوري مستدام بعدما كانت جهات متعددة المشارب داخلية وخارجية تربط عودة هؤلاء بالحل السياسي.
ولا شك أن الضغط الذي مارسته رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية، معطوفا على الخطوات التنفيذية التي أقرها كل من التيار الوطني الحر وحزب الله، أسهمت في جعل مسألة النزوح عاملا هاما ومتقدما، وربما مدخلا الى الحل السياسي لا نتيجة له. 
وتقول مصادر ديبلوماسية إن أيا من المعنيين اللبنانيين لا يتوهم أن عودة نحو 900 ألف نازح الى سوريا ستتم بين ليلة وضحاها نظرا الى حجم التعقيدات المرتبطة بهذا الملف من الوثائق اللازمة وخصوصا الأطفال ممن ولدوا في لبنان ولم يتم تسجيلهم في دوائر النفوس في سوريا، الى مسألة النازحين (يقال ان عددهم يناهز الـ30 ألفا) المطلوبين أمام القضاء السوري نظرا الى عملهم ونشاطهم السياسي مع المعارضة أو مشاركتهم في القتال الى جانبها، مرورا بماهية المناطق الآمنة داخل سوريا والمؤهلة لاستقبال النازحين (منها ما هو جاهز ومنها ما يتطلب إعادة إعمار بوشر فيها). لكن المؤشرات المتأتية من المحادثات المكمِّلة لقمة الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين تؤشر الى ان مسار عودة النازحين وضع على السكة الصحيحة، وأن الممانعات الإقليمية التي حالت سابقا دون البحث حتى في العودة، قد انتفت نتيجة القرار الدولي الواضح في هذا الصدد، الى جانب تلمّس عواصم القرار المخاطر الناتجة من استمرار مأساة النزوح، وهي بغالبيتها مخاطر أمنية وسياسية واجتماعية ضاغطة على النازحين وعلى الدول المضيفة على حد سواء، من شأنها أن تشكل تحديات سيادية وقومية خطرة تتمدد شظاياها وإنعكاساتها شيئا فشيئا الى القارة الأوروبية، وهو ما لمسه المسؤولون اللبنانيون من الزيارة الأخيرة للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
وتشير المصادر الى أن حقيقة أن تراكم كل هذه العوامل الدولية المسهِّلة لعودة النازحين وإقفال هذا الملف الملتهب منذ العام 2011، جعل الممانعة المحلية لبعض الأفرقاء غير ذي معنى أو جدوى، بدليل أن هذه الجهات نفسها التي كانت ترفض العودة باعتبار أنها سابقة لأوانها وأن تلي الحل السياسي لا أن تسبقه، باتت تسوّق لمحاسنها وإيجابيتها.
وتلفت المصادر الديبلوماسية الى أن هذا التطور الدولي – المحلي سيشكل هو الآخر عنصر ضغط لمصلحة المنادين بإعادة العلاقة السياسية بين لبنان وسوريا، نظرا الى أن عودة النازحين لا يمكن أن تتم من دون تنسيق يتعدى الشق الأمني، وهو الحاصل راهنا بواسطة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الى التنسيق السياسي المباشر في مسألة العودة، كما في إعادة الحياة الى التبادل التجاري والاقتصادي مما يسهل أمر فك الحصار الذي تعانيه القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية، باعتبار أن المنافذ الحدودية السورية كانت ولا تزال المعابر الوحيدة والأقل كلفة الى الداخل العربي حيث الأسواق الإستهلاكية التي تستوعب الإنتاج اللبناني. ولا يبدو أن دمشق في وارد تسهيل هذا الأمر ما لم تتم مفاتحتها به عبر القنوات الرسمية، الأمر الذي يحتاج قرارا سياسيا واضحا على مستوى الحكومة الجديدة، يتعدى الحسابات السياسية المرتبطة بمسألة الاعتراف بالنظام السوري أو استمرار حجب الاعتراف به.