بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 أيار 2020 12:01ص القاضي والأسد والفلافل

حجم الخط
يحظى القاضي مروان عبود بسمعة ممتازة واحترام واسع لدى اللبنانيين نظرا لتاريخه الناصع حين كان رئيسا للهيئة العليا للتأديب. يوم شعر بان ملفات الفساد الدسمة مع الرؤوس الكبرى تُحجب عن الهيئة ولا يرسل إليها سوى الملفات والرؤوس الصغيرة من حجّاب ونواطير بلديات وموظفي الدرجة الرابعة الذين تقاضوا رشوات بمئة ألف أو خمسين ألف ليرة لبنانية، حينها طلب القاضي عبود اعفاءه من رئاسة الهيئة وتعيينه رئيس غرفة في ديوان المحاسبة، وهو مركز أدنى من مركزه السابق حيث سيتقاضى راتبا ودرجة أقل، ملوّحاً بالاستقالة في حال عدم التجاوب مع مطلبه.

لم يسمح ضمير القاضي له بالصمت، فكشف في شهر أيلول 2019 عن المعادلة التالية: «في مكافحة الفساد يسمحون لك أن تقص الشعر، لا أن تقطع الرأس... والشعر يعود لينبت من جديد. ثلثين الدولة معطوب، ثلث بيقبض رشاوي وثلث ما بيشتغل». معلنا انه من الأفضل له أن يبيع «الفلافل» من البقاء في مركز يشحّ فيه العمل مضيفا «كنت كالأسد المحبوس في قفص ذهبي واليوم تحرّرت. ذهبت الى الهيئة العليا للتأديب لكي يجلبوا لي الفاسدين، غير أنه لم يأتِ سوى صغار القوم. رافعا شعار «عشْ جنديا حسب قناعتك أفضل من أن تعيش أميرا حسب قناعة الآخرين».

في كل مرة كان القاضي مروان عبود يشتكي الى المعنيين كان الجواب: «طوّل بالك والأوضاع لا بد ستتحسّن». كفر بالوعود حيث ارتأى أن ينسحب من رئاسة الهيئة. اختار الاستقالة والتوجّه الى ديوان المحاسبة بعد أن تدنى راتبه ثلاثة ملايين ليرة، فتراجعت قدرته المادية مفضّلا ظلم عائلته على ظلم المجتمع.

تجربة القاضي عبود تتلخص بأن «كل ملفات الفساد في لبنان تحميها التوازنات الدقيقة بين الأجهزة الأمنية والقضائية والفضاء الطائفي للمرتكبين... مما أوصل لبنان الى الافلاس، متسائلا كيف للسماسرة أن يُزجوا بالسجون فيما القضاة الموشى بهم لا يزالون على أقواس المحاكم؟».

في نظام الجمهورية اللبنانية الفاسدة يُعاقب الأوادم ويكافأ الفاسدون. انها المهزلة التي أدّت الى سقوط الوطن وإفلاس الشعب واستجداء المساعدات من صندوق النقد الدولي. لكن الأحرار لا يستسلمون في المعارك إنما يكافحون بدعم ترشيح القاضي مروان عبود لمنصب محافظ مدينة بيروت، لربما بنجاحه يفتحون ثغرة في جدار الفساد ليعبر منها الأوادم تمهيدا لإنهاء دور الزعران!


مؤسس «بيروت قضيتي»