بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آذار 2020 12:00ص القطاع المصرفي اللبناني «يشوّه» صورته

«ترميم الثقة بين المودعين والمصارف يحتاج خُطوات مصرفيّة وسياسيّة»

حجم الخط
فقد القطاع المصرفي ثقة المودعين بعدما عمد بشكل مفاجئ وخارج الأطر القانونيّة والأخلاقية إلى تطبيق إجراءات صارمة على أموالهم، في حين تتجه الأنظار إلى قدرة هذا القطاع على معالجة أزمته، خصوصاً وأنّ تصنيف لبنان السّيادي ينخفض وكذلك تصنيف المصارف. 

وبعد انكشاف المصارف وثبات تورّطها في ممارساتٍ تعكس غياب أيّ حسّ وطني لدى مسؤوليها، لن يستعيد المودع اللبناني ثقته بالنظام المصرفي إلا في حال اتّخذت تدابير مصرفيّة وسياسيّة شفّافة وموثوقة تحمي حقوق اللبنانيّين قبل أي اعتبار آخر.

في السّياق، ألزم مصرف لبنان عبر تعميمه رقم ٥٣٢ المصارف بزيادة رأسمالها الى حدود ٢٠ في المئة لغاية حزيران المقبل، مع وقف توزيع أرباح المساهمين هذا العام، ليضمن انّ الزيادة ستأتي من خلال اموال جديدة وليس من الارباح السنوية للمساهمين، ما يفتح المجال أمام خطوات عدّة يجب اعتمادُها بهدف تعزيز القدرة المالية للمصارف على مواجهة الوضع الحالي وأي تطورات مستقبلية، والمحافظة على أموال المودِعين في المصارف.

أولى الخطوات تقضي بإجراء عملية دمج منظّمة وعلميّة وقانونيّة للمصارف وتقليص عددها الى ٢٠ مصرفاً كحدٍّ أقصى، لا سيّما وأنّ عدد المصارف في لبنان يفوق حجم السّوق بكثير. وخيار الدّمج يلائم المرحلة كونه يقلّل الكلفة على المصارف، خصوصًا وأنّ قطاع المصارف في العالم المتقدّم يذهب نحو تقليص عدد الوحدات المصرفية خلال السنوات العشر المقبلة، بسبب الاتجاه إلى الصيرفة الإلكترونية من خلال أجهزة الكومبيوتر أو عبر الهواتف الذّكيّة، ولن يكون القطاع المصرفي في لبنان بمنأى عن هذا الاتجاه.

والخطوة الثانية تقضي بزيادة رأسمال المصارف عبر ثلاثة آليّات: (١) حث المصارف الأجنبيّة على الاكتتاب في رأس مال المصارف المُدمجة ما يعني ادخال أموال جديدة الى النظام المصرفي مّما يساهم في حلّ أزمة شحّ الدولار ولو جزئياً؛ (٢) حثّ كبار المودعين على تحويل جزء من ودائعهم نحو الرسملة؛ و (٣) تحفيز الاكتتاب العام في أسهم المصارف المدرجة في سوق الأوراق المالية وبورصة بيروت. 

والخطوة الثالثة تقضي بإنشاء وحدة تنسيق مركزيّة بين المصارف بهدف خفض حجم الودائع المُصادرة من خلال عرض الممتلكات المرهونة من قبل المقترضين المتعثّرين للبيع، والتي وضعت المصارف اليد عليها مقابل الديون الهالكة، وذلك بهدف خفض حجم الودائع المُصادرة.

بالنتيجة يكون السّعي الى ترميم الثقة بين المودعين والمصارف من خلال تدابير سياسية قبل أن تكون مصرفية وتبدأ باستعادة ثقة اللبنانيّين بدولتهم ومؤسساتها على المستويات كافة، وهذه لا تعود إلاّ بجدية الدولة ومؤسساتها في عملها من جهّة، وتحتاج من جهّة ثانيّة الى ابتعاد المواطن عن تبنّي وإطلاق الشائعات التي تضّر بالانتظام العام، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، والتي يتحمّل جزءًا كبيراً منها ويغذّيها بعض الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.