بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 حزيران 2019 12:00ص المأزق

حجم الخط
لا تزال ورشة المنامة التي قدمت الشق الاقتصادي لصفقة القرن التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحت عنوان «مشروع من السلام إلى الازدهار» تُشكّل المحور الرئيسي للنقاشات التي تدور في المحافل العربية والدولية، وستبقى تحتل صدارة الاهتمام، لأنها تهدف من وجهة نظر سيّد البيت الأبيض إلى طيّ صفحة من الصراع العربي - الإسرائيلي بتثبيت وجود إسرائيل في قلب العالم العربي، كدولة عنصرية هي الأقوى بين دول ضعيفة متنازعة فيما بينها، على حدّ تعبير الشهيد كمال جنبلاط خلال استقباله دين براون موفد الرئيس الاميركي جيرالد فورد إلى بيروت خلال ما سُمي يومها بحرب السنتين.

وإذا كانت هذه الورشة التي غاب عنها لبنان وما يسمى بدول الممانعة وفلسطين المعنية الأولى بهذه الخطة لم تُشكّل في نظر العديد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية رافعة لصفقة القرن، أي لخطة سلام تنهي الصراع العربي - الإسرائيلي، فذلك لن يثني الرئيس الأميركي عن استخدام كل ما تملكه الولايات المتحدة الأميركية من وسائل ضغط وأساليب ترغيب وترهيب على الشعب الفلسطيني والدول الرافضة لصفقة القرن لإجبارها في آخر المطاف على القبول مرغمة بها، وحسب ما هو متداول في مراكز دراسات دول القرار سيتعرّض لبنان، الذي كان من أوائل الدول التي أعلنت رفضها لهذه الصفقة وقاطعت ورشة البحرين التي تشكّل الجانب الاقتصادي من هذه الصفقة من منطلق رفضها توطين الفلسطينيين من جهة، وتمسكها بحل الدولتين الذي أقرته قمّة بيروت العربية على ان تكون القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة على أراضيها، سيتعرض لبنان الذي يُعاني أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية خانقة، من الولايات المتحدة الأميركية إلى شتى أنواع الضغوط من حصار اقتصادي وعقوبات وغيرهما من وسائل الضغط ومنها ما بدأت تتداوله بعض الأوساط السياسية، حرمانه من حقه في الحصول على النفط والغاز من مياهه الإقليمية، وفق ما أبلغه مبعوث الرئيس الاميركي إلى بيروت وتل أبيب ساترفيلد إلى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم خلال زياراته الأخيرة إلى بيروت كوسيط بين لبنان واسرائيل من أجل إيجاد تسوية لمشكلة الحدود البحرية بين البلدين من شأنها في حال نجحت ان تفتح أمام لبنان أبواب الثروة والازدهار بكل اشكاله على مصراعيها، ولم يكتف الموفد الاميركي بهذا القدر من التهديد، بل ذهب أبعد بحيث صارح المسؤولين اللبنانيين أنفسهم بأن دولته لا تضمن في حال تمسك لبنان برفض مبادرة السلام الاميركية الحصول على أية مساعدات أو هبات من الدول المانحة، ومنها على وجه الخصوص الأحد عشر مليار دولار التي أقرت في مؤتمر سيدر لمساعدة لبنان في تحسين بناه التحتية، فهل باستطاعة لبنان أن يتحمل كل هذه الضغوط ويستمر في رفضه لـ«صفقة القرن» وما هي حدود قدرته على ذلك في ظل وضعه الاقتصادي والمالي الذي شارف حدود الإفلاس على حدّ ما أوردته كل تقارير الصناديق ووكالات التصنيف الدولية وخصوصاً في حال سار قطار التسوية أو صفقة القرن في مساره المرسوم له، خصوصاً وانها كما دلت على ذلك ورشة البحرين انها تحظى بغطاء عربي ترجم عملياً في مشاركة المملكة العربية السعودية ودول الخليج والأردن المعنية بشكل أساسي، ومصر وغيرها من الدول المهتمة بالقضية الفلسطينية، وضرورة إيجاد تسوية لها تضمن للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة، وهذا ما عبّر عنه صهر الرئيس ترامب وموفده إلى المنطقة جاريد كوشنير غداة اطلاقه في البحرين خطة السلام الأميركية لحل النزاع في الشرق الأوسط، بتطمين الفلسطينيين إلى ان هدف بلاده من هذه الخطة هو الوصول إلى حكومة فلسطينية مستدامة وإلى وضع أمني مستقر يسمح بتدفق الأموال إلى الفلسطينيين.