هل فوجئ المسؤولون اللبنانيون بالإجراءات الجديدة التي اتخذتها الإدارة الأميركية ضد حزب الله وأمينه العام السيّد حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم ومسؤولين آخرين، وذهاب المملكة العربية السعودية ومعها دول الخليج إلى حدّ تصنيف الحزب بجناحيه السياسي والعسكري إرهابياً مضافاً إليه تأييدها لسلسلة الإجراءات الأميركية الجديدة؟ فإذا كانوا فوجئوا بهذه الإجراءات، فتلك مشكلة عليهم أن يتحمّلوا مسؤولية تبعاتها على لبنان، اما إذا لم يفاجأوا، وكانوا يتوقعونها بعد انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي مع ايران وسياسة التصعيد التي لجأ إليها فور الانسحاب، ضدها وضد أذرعها في المنطقة، والمقصود بها هنا، حزب الله، واستهان بها باعتبار أن مصيرها سيكون كما كل التصنيفات والعقوبات السابقة التي أصدرتها واشنطن ومجلس التعاون الخليجي بحق حزب الله وقيادته، بحيث لم تؤثر لا على الواقع السياسي الذي يتهيأ للاستحقاقين البرلماني والحكومي ولا على التسوية التي انتجت العهد القائم وحكومته التي باتت في حكم المستقيلة اعتباراً من عشرين الجاري موعد انتهاء ولاية المجلس القائم وبدء ولاية المجلس المنتخب، ولم يسألوا بالتالي أنفسهم لماذا أتت هذه الإجراءات الأميركية والخليجية غداة الانتخابات النيابية وعند البدء في اعادة هيكلة الدولة، يكونون واهمين ولم يفهموا جيداً معنى هذه الرسالة المزدوجة الأميركية والخليجية.
أغلب الظن انهم فوجئوا بهذه الرسالة التي لم يكونوا يتوقعونها بعد التطمينات التي تلقاها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة من عدد كبير من الدول الغربية والعربية بتحييده عن الصراعات التي تشهدها المنطقة ودعم استقراره السياسي الذي من شأنه أن يدعم ويُعزّز استقراره الأمني الذي هو شرط أساسي لا بدّ من الحفاظ عليه ودعمه حتى يبقى هذا البلد بمنأى عن التطورات الدراماتيكية التي تعيشها المنطقة، والتي على أساسها بنى رئيس الجمهورية، ومعه معظم الطبقة السياسية التي عادت إلى الساحة من باب الانتخابات، تفاؤله بقيام حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية تكون مدعومة من الخارج وتتولى إدارة دفة الحكم بذهنية جديدة وعلى قاعدة التمسك بسياسة النأي بالنفس تجاه ما يحصل في المنطقة.
إلا أن الإجراءات الأميركية والخليجية الجديدة ضد حزب الله، وإن لم تكن بجديدة، قلبت المشهد رأساً على عقب، ووضعت الجميع أمام أزمة قد تكون هي الأصعب التي يمر بها لبنان في تاريخه، وهي كيف يُمكن له أن يوفّق بين قيام حكومة يشارك فيها حزب الله ومن يدور في فلكه ويؤيد سياسته وبين التزامه بالقرارات الدولية ومحاربة الإرهاب؟ وهل بمقدوره أن يخرج عن الإرادة الدولية أو يتجاهلها من منطلق ان مسألة حزب الله شأن داخلي بحت لا شأن للخارج به ويدير بالتالي ظهره لهذا الخارج، وما يُمكن ان يترتب على ذلك من تداعيات على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية؟ انه المأزق.