بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 كانون الأول 2017 12:00ص المخاوف تتعاظم من الإنعكاسات السلبية للخلاف على الوضع الحكومي وتداعياته

بعدما تحوّلت أزمة مرسوم الضباط إلى مواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية

حجم الخط

وصول السلطتين الاجرائية والتشريعية إلى حالة انقطاع من شأنه العودة إلى فتح ملف الطائف على مصراعيه  بعد طيه بانتخاب عون

تفاقمت أزمة دورة ضباط 1994 في الأيام القليلة الماضية، حتى انها تحوّلت الى مواجهة مفتوحة بين الرئاستين الأولى والثانية ستكون لها انعكاسات سلبية على مسيرة العهد، ولا يبدو حتى الساعة أن هناك إمكانية لتفادي تداعيات هذه المواجهة بعدما بلغت هذه الحدة التي تعيش البلاد يوماً فيوماً فصولها المأساوية، وبعدما قال كل من الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي كلمته ومشى.
فالرئيس عون حسم الأمر لجهة تمسكه بمرسوم إعطاء ضباط دورة 1994 أقدمية سنة بمثابة تعويض عمّا لحق بهم من اجحاف واحتكم إلى القضاء وحده ليصدر حكمه في الخلاف الناشب بينه وبين الرئيس بري،وبدوره ردّ الرئيس بري بأن ما فعله رئيس الجمهورية يشكل نعياً لاتفاق الطائف، ولكل المواثيق التي لها صلة بالميثاقية واستعان بكل الوثائق التي تُعزّز أو تثبت وجهة نظره، الأمر الذي يدل على عمق الأزمة التي وصلت اليها العلاقات بين الرئاستين الأولى والثانية، بقدر ما تدل على وصول الوساطات التي عمل عليها حزب الله والنائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري، للتقريب بين وجهتي نظر الرئاستين المتصادمتين والحؤول دون الوصول إلى الطلاق بينهما كما هو الحال بعد المواقف التي صدرت عن كل من الرئيسين عون وبري عبر وسائل الإعلام للتدليل على ان الأزمة بينهما وصلت إلى مرحلة المواجهة المفتوحة والتي في حال استمرت على هذا المنوال سيكون لها تداعيات كثيرة لا يمكن لأحد أن يحسم نتائجها منذ الآن، وبات المطلوب، حسب المراقبين واحداً وهو أن يتراجع رئيس الجمهورية عن المرسوم الآنف الذكر ويترك للرئيس برّي الصيغة التي يراها ميثاقية أو أن يظل متمسكاً به وهذا معناه رفع مستوى المواجهة إلى حدودها القصوى، وإعطاء ذريعة للرئيس برّي لكي يطلب من وزيره علي حسن خليل بوصفه وزيراً للمالية عدم التوقيع على مرسوم ترقية الضباط الذي يجب أن يصدر في أول العام 1918، ويفتح بذلك أزمة دستورية وميثاقية تصيب اتفاق الطائف في صميمه، وتشرع الأبواب أمام أزمة قد تصل إلى حالة انقطاع بين السلطتين الاجرائية والتشريعية من شأنها في حال وصلت إلى هذه النقطة ان تعيد فتح ملف اتفاق الطائف على مصراعيه بعدما طوي هذا الموضوع في أعقاب التسوية الرئاسية التي جاءت بالعماد عون إلى رئاسة الجمهورية وتعززت بالاتفاق على حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري.
ولتجنب الوصول إلى هذا المأزق الذي لا يريده بطبيعة الحال الرئيس عون حرصاً منه على انجاح عهده بات يتعيّن عليه ان يأخذ هو المبادرة ويسحب المرسوم الذي تسبب في إثارة هذه الأزمة لا ان يتمسك به كما هو الحال الآن، ويحتكم إلى القضاء الذي قال الرئيس برّي فيه كلمته الفصل عندما اتهمه صراحة بأنه مسير وليس مخيراً في إصدار الاحكام بالعدل. اما ان يطلب رئيس الجمهورية ان يأخذ الرئيس برّي المبادرة ويسمح بتمرير المرسوم، فالذي ظهر من ردود رئيس المجلس على مواقف رئيس الجمهورية التي أطلقها من بكركي لا يبدو انه في هذا الوارد بأي شكل من الاشكال بقدر ما يؤشر إلى انه وضع نفسه امام مواجهة مفتوحة مع رئيس الجمهورية، ضامناً في الوقت نفسه الربح وليس الخسارة طالما يمسك بالتوقيع الرابع من خلال وجود وزيره علي حسن خليل على رأس وزارة المالية. وامام هذا التصعيد بين الرئاستين الأولى والثانية، وحتى بين الرئاستين الأولى والثالثة بعدما أعلن الرئيس عون ان المرسوم الذي وقعه لا يحتاج إلى نشر في الجريدة الرسمية ليصبح نافذاً ماذا سيكون موقف الرئاسة الثالثة التي وقعت على المرسوم، ووعدت بعدم نشره في الجريدة الرسمية إلى ان يحصل التفاهم حوله بين الرئاستين الأولى والثانية؟ وهل يسحب توقيعه على المرسوم أم ينحو نحو الاستقالة لتفادي الخصومة مع الرئيس برّي.
المراقبون أنفسهم لتطورات هذه الأزمة يعترفون بحراجة موقف رئيس الحكومة بالنسبة إلى الخلاف المحتدم بين الرئاستين الأولى والثانية فهو لا يرغب وربما لا يستطيع ان يتراجع عن توقيعه كي لا يخلق أزمة مع رئيس الجمهورية، وهو في الوقت نفسه لا يستطيع ان يقطع علاقته بالرئيس برّي لألف سبب وسبب، وبالتالي لم يبق امامه سوى التفكير الجدي بالاستقالة إذا صح ما يقال من ان الوساطة قد وصلت إلى طريق مسدود وان الأزمة بين الرئاستين الأولى والثانية قد وصلت إلى حدّ القطيعة، وباتت كل الأمور مفتوحة على رفع مستوى المواجهة بين الرئاستين.