بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 كانون الثاني 2018 12:03ص المراقبون للمشهد السياسي السائد يتخوفون من الوصول إلى أزمة حكم

بعدما أصبح الدستور وجهة نظر بين الرئاستين الأولى والثانية

حجم الخط

التعقيدات التي طرأت على سطح أزمة المرسوم قد تكون حملت الرئيس الحريري إلى التريث في وساطته

حملت الساعات الأربع والعشرين الماضية مزيداً من التصعيد بين الرئاستين الأولى والثانية على خلفية أزمة المرسوم المتعلق بإعطاء اقدمية سنة لضباط دورة عون 1994، وساد الأوساط السياسية المخاوف من ان تتحوّل إلى أزمة حكم، تعطل من جديد عجلة الدولة التي تحرّكت بعد التوصّل إلى تسوية بين كل المكونات للأزمة الرئاسية.
فبعبداً من جهتها ماضية في اعتبار المرسوم نافذاً ولا حاجة لنشره في الجريدة الرسمية تفادياً لنشر أسماء الضباط الذين يستفيدون من المرسوم، وماضية أيضاً على انه دستوري وقانوني ولا تترتب عليه أية أعباء مالية تستوجب توقيع وزير المال علي حسن خليل، وناصحة بالتالي الرئاسة الثانية باللجوء إلى القضاء أي مجلس شورى الدولة أو هيئة الاستشارات العليا في وزارة الداخلية لبت مسألة ما إذا كان المرسوم يحتاج إلى توقيع وزير المال.
اما عين التينة فتعتبر أن أي حديث أو كلام عن أن المرسوم أصبح نافذاً من دون نشره في الجريدة الرسمية، أمر لا يجوز ويشكل خطأً دستورياً، وتصر أيضاً على اعتبار صدوره من دون ان يحمل توقيع وزير المالية خطأ دستورياً أكبر واخلالاً بالميثاقية التي أرساها اتفاق الطائف، فضلاً عن انها تعتبر ان الرئاسة الثانية تخطت كل الاعتبارات الدستورية والميثاقية بموافقتها على المرسوم بعد توقيع وزير المالية عليه كونه يرتب أعباء مالية على الخزينة العامة، وكان يتوجّب على الرئاسة الأولى ملاقاتها في منتصف الطريق بدلاً من التمسك بوجهة نظرها باعتبار ان المرسوم أصبح نافذاً ولا يحتاج إلى توقيع وزير المال، الأمر الذي أدى إلى مزيد من التعقيدات على مستوى العلاقة بين الرئاستين، يترتب عليها تداعيات سياسية خطيرة على كل المستويات البلد بغنى عنها في المرحلة الدقيقة التي يمر بها.
وبين بعبدا وعين التينة يقف الحليف الرئيس حزب الله على مسافة واحدة من كليهما لكنه استناداً إلى بعض المواقف التي صدرت من عدد من نوابه والتي تدعو إلى الاحتكام للدستور واتفاق الطائف في الأزمة الناشبة بين الرئاستين الأولى والثانية ميالاً أكثر إلى وجهة النظر التي يتبناها الرئيس نبيه برّي والتي تقول استناداً إلى مواقفه بوجوب حصول المرسوم المذكور على توقيع وزير المال حتى يصبح نافذاً، الأمر الذي يؤشر إلى ان الأزمة بين الرئاستين أصبحت عصية على الحل وانها ذاهبة في اتجاه مزيد من التصعيد لتتحول إلى أزمة حكم تلحق بالعهد وبكل ما علقه من آمال على هذا التحالف لنجاحه أفدح الاضرار، وذلك بالرغم من استشعار حزب الله بكل هذه الاخطار ومنها بشكل خاص الخطر الذي يتهدد الاطاحة بحكومة استعادة الثقة التي يُشكّل بقاؤها بوابة الاستحقاق الانتخابي الذي راهن الحزب على نتائجه لتوقعه بالحصول على الأكثرية النيابية وتالياً التحكم بالسلطة مستنداً الى دراسة احصائية أظهرت ان ميزان القوى البرلماني سيميل بقوة لمصلة 8 آذار بعد انفراط عقد تحالفات فريق 14 آذار.
وفي السياق نفسه لا يستبعد المراقبون لتطورات الأزمة المتصاعدة بين الرئاستين الأولى والثانية ان يكون الرهان على الانتخابات خلف الكباش السياسي بينهما من زاوية حرص القوى السياسية المؤيدة للعهد على احداث تغيير في رئاسة مجلس النواب على اعتبار انه من غير الجائز ان يستمر رئيس الحكومة في السراي ورئيس المجلس في ساحة النجمة ويمنع على رئيس الجمهورية ان يجدد أو يعاد انتخابه أو يستمر إذا لم يتم انتخاب رئيس جديد، مستندين في هذا الاحتمال إلى إثارة هذا المطلب من قبل حزب رئيس الجمهورية إبان مرحلة الفراغ في الرئاسة الأولى حيث دعا آنذاك إلى تعديل الدستور ليستمر رئيس الجمهورية في منصبه إلى حين انتخاب خلف له.
ولا يستبعد المراقبون أنفسهم ان تكون هذه التعقيدات التي تطفو على سطح أزمة مرسوم الاقدمية حملت رئيس الحكومة على مزيد من التريث للدخول في وساطة بين الرئاستين الأولى والثانية على قاعدة لا يقتل الذئب ولا يفنى الغنم، بعدما كان كشف ليلة رأس السنة عن نيته التوسط من باب حرصه على استمرار العلاقة الجيدة بين الرئاستين الأولى والثانية والتي تجلّت خلال أزمة استقالته من الحكومة.
لكن المراقبين أنفسهم يميلون إلى ان الأزمة الناشبة بين الرئاستين الأولى والثانية قد تجاوزت حدود قدرة رئيس الحكومة على اقتراح الحلول لها، خصوصاً وانه كان احد أطرافها بتوقيعه على مرسوم الاقدمية، ومن دون ان يأخذ في الاعتبار اعتراض الرئاسة الثانية على تجاهل توقيع وزير المال.
إزاء هذا الواقع، لا يرى المراقبون في الأفق المنظور سوى مزيد من الكباش بين الرئاستين الأولى والثانية في ظل غياب أي مسعى جدي يجنب البلاد الدخول مجدداً في أزمة حكم، لا سيما وأن الدستور أصبح بالنسبة إلى كل منهما وجهة نظر يستحيل التراجع عنها.