بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 آب 2020 12:00ص المساءلة والمحاسبة السياسية

حجم الخط
من البديهي القول ان عائلة ما تفتقد الى رب تعبده تفسح المجال الى تسرب الفوضى الى كيانها.
ومن البديهي ايضاً القول ان صفاً في مدرسة يضم ثلاثين تلميذاً مثلاً وله معلم ضعيف الشخصية يتحول الى فوضى لا تترك للتعلم مكاناً يستفيد منه تلامذته.
ومن البديهي كذلك ان دولة لا تحمي رجال أمنها، اياً تكن اعتباراتك لا يتقبله المجتمع دون الامساك بمن يعتدي عليهم وتحويله الى القضاء هي دولة فاشلة، فاقدة للمقومات الاساسية لوجودها كالهيبة مثلاً. 
فاذا غابت المساءلة عمن يرتكب الفوضى ويسمح لها بالظهور تتحول الى ما يشبه العدم ويتشجع الناس على مخالفة قوانينها.
كما انه من البديهي اذا ما غابت المعارضة السياسية او الشعبية عن اي نظام يدعي الديمقراطية لعمله ولا يمارسها على اصولها، فإنه يفقد طبيعته وجوهره.
انه من الخطأ الجسيم ان يعتقد اللبنانيون انهم باختيار من يمثلهم عن طريق الانتخاب العام، انما يمارسون الديمقراطية، اي حكم الشعب من الشعب والى الشعب، فالانتخابات العامة لا تعني ممارستها انها دليل ديمقراطية وتعبير لوجودها. 
فالعالم شاهد كيف تجري الانتخابات العامة في دول تدعي الديمقراطية وهي في الحقيقة والواقع دول دكتاتورية تأتي نتائجها لصالح حكامها بنسب تتراوح بين 95% الى 99% ما يعني ان التزوير والتلاعب بالنتائج قد اعطى للانتخابات صفة الحرة. من يستعرض حاصل الانتخابات العامة التي جرت في لبنان منذ الاستقلال يلاحظ ان اعتراضات المرشحين الذين لم يفوزوا ليست سوى صرخات في واد لا صدى لها.
وطالما ان لبنان لم يلحظ في عملية الانتخابات اي وجود اجباري لهيئة مشرفة عليها، تتمتع بالشخصية المستقلة المعنوية، عبثاً الادعاء ان عملية الانتخابات جرت في جو من الحرية خالية من اي مخالفة او شائبة، او ضغط غير مشروع من اي جهة كانت، فالتلاعب في عملية الانتخابات يفسدها وتصبح باطلة. 
انه ليس من الصحي ان يستمر الحال على ما هو عليه. فالدولة التي تفسح المجال بارادتها لسلطاتها السياسية والامنية في التدخل في الانتخابات تتغير طبيعة نظامها في حال لم تقف في وجهها وتتخذ التدابير اللازمة للوقوف في وجهها ومنعها من التدخل. واي خبر لتقاعس ما مردود تتحمل مسؤوليته السلطة، فاتحة المجال للشارع ان يتظاهر ويرتكب اعمالاً مضرة بحق مواطنيه او جماعة منهم. 
وبالنسبة لي، سأبقى اعتبر ان نظامنا في حقيقته وواقعه هو غير ديمقراطي طالما ان المعارضة فيه غائبة والمسائلة والمحاسبة لا وجود لهما. 
محمد يوسف بيضون
نائب ووزير سابق