بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 أيلول 2018 12:04ص المشهد الحالي يُعيد الحياة لمشهد التنازلات التي أدت إلى التسوية الرئاسية

أزمة تشكيل الحكومة مفتعلة لضمان معركة رئاسة الجمهورية مستقبلاً

حجم الخط

«يجزم مرجع سياسي مخضرم ان الأزمة الحكومية الحالية ليست أزمة صلاحيات ولا أزمة محاصصة لأن دستور الطائف نص على حل كل هذه التفاصيل»

يجزم مرجع سياسي مخضرم بأن الازمة التي تعيشها البلاد منذ ما يزيد عن مائة يوم ليست أزمة تشكيل حكومة ولا أزمة صلاحيات هنا وهناك، ولا أزمة دستورية بقدر ما هي تتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، وقد أصاب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم عندما لفت إلى هذه المسألة وحذّر اللاعبين على أوتارها من مغبة ما يفعلون.
ويقول المرجع السياسي المخضرم: لو كانت الأزمة دستورية، أو أزمة صلاحيات رئيس الحكومة فـإن حلها موجود في محاضر الاتفاق الذي وضع في الطائف بمشاركة كل المكونات اللبنانية والطائفية والمذهبية، فعندما وصل البحث بين المجتمعين إلى موضوع رئيس الحكومة وتكليفه، اقترح ممثلو أهل السنّة المشاركون في المؤتمر أن لا يُقيّد من تكلفه أكثرية النواب تشكيل الحكومة بمهلة زمنية محددة، حفاظاً على التوازن داخل المؤسسات الدستورية الثلاث، أي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ورئاسة مجلس النواب، فكانت في بادئ الأمر معارضة من النواب المسيحيين وتشديد منهم على أن تكون هناك مهلة زمنية للرئيس المكلف للحؤول دون الوقوع في أزمة سياسية في كل مرة يكلف فيها النواب رئيساً لتشكيل الحكومة.
وأضاف المرجع المخضرم: وبعد نقاش مستفيض حول هذه النقطة بالذات، واتخذ فيها نواب الطائفة الشيعية موقفاً محايداً، عقد النواب المسلمون خارج قاعة المؤتمر اجتماعاً، عادوا بعده إلى قاعة المؤتمر وتحدث عنهم المرحوم الرئيس صائب سلام، وأبلغ المجتمعين ان النواب المسلمين رأوا، بعد التشاور، أن لا يُقيّد الرئيس الذي يكلف تشكيل الحكومة بمهلة زمنية محددة، حفاظاً على التوازن بين السلطات الثلاث، وانتهى النقاش عند هذا الحد بعد موافقة الجميع على مطالعة الرئيس سلام.
وقال المرجع المخضرم، هذا ما حصل في الطائف، وهذا ما هو مسجل في المحاضر، وهذا ما يعرفه جميع المسؤولين اليوم، وبالتالي لا يوجد أي أزمة اسمها صلاحيات الرئيس المكلف وبالتالي لا يوجد ما يقال اليوم من مهل وسحب التكليف وما شابه ذلك من هرطقات دستورية نسمعها بين حين وآخر، وبالتالي فإن الرئيس المكلف غير مقيد بمهلة زمنية، ولا أحد بإمكانه ان يضغط عليه من خلال التهويل بسحب التكليف.
اما عن الخروج من المأزق عندما يرفع الرئيس المكلف التشكيلة الحكومية ويرفضها رئيس الجمهورية أو يسجل عليها ملاحظات، كما هو واقع الحال اليوم، فإن الحل لهذا المأزق نص عليه بوضوح اتفاق الطائف ويقضي بمثل هذه الحال بأن ينزل الرئيس المكلف بحكومته إلى المجلس النيابي، فإما ان يحظى بثقة غالبية أعضائه، وتصبح الحكومة شرعية ودستورية وإن لم يوقع رئيس الجمهورية على مرسوم تأليفها، واما بحجب الثقة عنها، وتصبح حينئذ مستقيلة ويصار إلى استشارات نيابية جديدة وتكليف من تسميه الأكثرية.
من هنا يقول المرجع المخضرم يصح الجزم بأن الأزمة التي نعيشها ليست أزمة صلاحيات لأن الدستور نص على صلاحيات الرئيس المكلف، كما انها ليست أزمة دستورية لأن الدستور نص على كل المخارج، وتالياً ليست أزمة محاصصة، لأن محاضر الطائف ودستوره نصت على مبدأ التوافق، أي على ان تكون الحكومة توافقية، أي حكومة وحدة وطنية لا غالب فيها ولا مغلوب، وليس فيها منتصر كما جاء في آخر موقف للرئيس المكلف بعد ان سلم التشكيلة إلى رئيس الجمهورية، بقدر ما هي أزمة تتعلق بانتخاب رئاسة الجمهورية المقبلة، والتي فتح ملفها مبكراً الرئيس ميشال عون عندما تحدث عن السباق على رئاسة الجمهورية وان صهره الاول بين المتسابقين، وبعدما نبّه من هذا الامر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، وكان يقصد به الوزير جبران باسيل، مهما صدر فيما بعد عن مسؤولي «حزب الله» من نفي لمثل هذا الأمر.
فما يحصل حالياً هو استعادة للمشهد الذي سبق انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، يضيف المرجع المخضرم، يومها وضع الرئيس عون ترشيحه للرئاسة على الطاولة ورفض التنازل عنه مما أدى إلى وقوع البلاد في شلل دستوري أكثر من سنتين ونصف، ولم يتراجع عن قراره، بصرف النظر عن النتائج الكارثية المترتبة عن هذا القرار الا بعد ان قدم الفريق الآخر ونقصد به «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» التنازلات حتى لا نقول الاستسلام لهذا القرار، وتم انتخابه رئيساً للجمهورية بناءً على ما يسمونه خلافاً للواقع التسوية الرئاسية.
وختاماً يقول المصدر ان التاريخ يُعيد نفسه، وما نشهده على الساحة الداخلية من مناكفات أحياناً وبهورات أحياناً أخرى وتهديدات باستخدام سيف الدستور ثم رفع سقوف الشروط على الرئيس المكلف وصولاً إلى رفض رئيس الجمهورية  للتشكيلة التي رفعها إليه الرئيس المكلف والتعليل بأسباب لم تكن مقنعة لأحد سوى تغطية على الأزمة الحقيقية، وهي السباق على رئاسة الجمهورية من خلال الوصول إلى الحكومة التي خطط لها العهد يكون له فيها أكثرية الثلثين التي تشكّل لمن يمتلكها ضمانة أساسية للفوز بالسباق إلى رئاسة الجمهورية.