بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 آذار 2018 12:02ص المطلوب قرار جريء

حجم الخط
أهم شعار رفعه رئيس الجمهورية في نهاية السنة الأولى لولايته, هو أن السنة الثانية ستكون أفضل بكثير من السنة التي انقضت من دون أن يغفل تذكير اللبنانيين بالانجازات التي تحققت في السنة الأولى، وأهمها إقرار قانون جديد للانتخابات على القاعدة النسبية وإصدار الموازنة العامة بعد قرابة الاثنتي عشرة سنة من الصرف على القاعدة الاثني عشرية وما رافق ذلك من هدر للمال العام وارتفاع الدين العام إلى حدود تجاوزت الثمانين مليار دولار أميركي، كانت كافية وحدها لوضع لبنان في دائرة الإفلاس.
وعندما انطلقت السنة الثانية من الولاية بعدما تجاوز الحكم تداعيات أزمة استقالة رئيس الحكومة المدوية، عادت الوعود بحدوث تحولات في إدارة الحكم من شأنها أن تؤدي إلى النقلة النوعية التي وعد بها سيّد العهد، عبر المؤتمرات الدولية التي وعد المسؤولون اللبنانيون بعقدها قبل حلول موعد الانتخابات النيابية العامة في منتصف هذا العام لمساعدة لبنان على تجاوز أزماته الاقتصادية مثل مؤتمر روما في منتصف الشهر الجاري ثم «سادر» بعده بأقل من شهر إلى مؤتمر بلجيكا للنازحين، لكن المجتمع الدولي وضع على الدولة اللبنانية شرطاً أساسياً ومهماً جداً هو إقرار موازنة عامة للدولة تكون رشيقة تخفف من الهدر العام الكبير الذي، في حال استمراره، تصبح كل العلاجات والمساعدات شبه مستحيلة ويقع هذا البلد في المحظور الذي لا يتمناه المجتمع اللبناني الحديث على استقرار هذا البلد الأمني والاقتصادي والمالي. وعلى هذه الخلفية رفع المسؤولون اللبنانيون الشعارات والوعود، لكن الأمر في حقيقته وواقعيته ليس كذلك، وبالتالي فإن الشعارات ستبقى مجرّد امنيات وسيستمر انحدار الدولة نحو الهاوية ما لم يسبق ذلك نهضة إصلاحية في الداخل، لأن خلاف ذلك لن تقف تداعياته عند عتبة المرجو من مؤتمرات الدعم الدولية فحسب، بل ستؤدي إلى انهيار حتمي لن يكون أي طرف سياسي في منأى عن شظاياه، وذلك في ضوء ارتفاع منسوب الخطر على الوضعين الاقتصادي والمالي إلى الحد الأقصى حيث لم يعد ينفع العلاج الموضعي وبات الخروج من الهاوية التي انزلق فيها يستلزم قراراً سياسياً كبيراً بولوج مرحلة الإصلاحات الجوهرية والكفيلة بسد مزاريب الهدر والفساد المفتوحة على مصراعيها منذ عقود والتي ركزّ عليها تقرير صندوق النقد الدولي الذي صدر أواخر شباط المنصرم. وهذا الواقع بات كل المسؤولين اللبنانيين يُدركون تفاصيله ومخاطره إذ أن الأرقام تبيّن بوضوح مدى الخطر الذي يتجه لبنان بسرعة قياسية نحو بلوغه فيما لو لم يتلقف المسؤولون كرة النار قبل انفجارها في وجه الجميع. غير انه من خلال النقاشات العبثية التي تحصل داخل اللجنة الوزارية التي شكلها مجلس الوزراء لوضع موازنة تقشفية تتميّز بتخفيض النفقات الإدارية للوزارات، ووضع حدّ لمزاريب الهدر والفساد، وحتى سرقة المال العام لا تشي وفقاً لآخر تحذير لوزير المالية علي حسن خليل بأن اللجنة ستستجيب لطلب المجتمع الدولي وتخرج بموازنة تُعزّز احتمال خروج المؤتمرات الدولية بنتائج إيجابية توقف هذا الانحدار في الدولة، وتعيد الأمل إلى اللبنانيين القلقين على المصير بصحة ما وعد به رئيس الجمهورية في مطلع السنة الثانية من ولايته. فالمطلوب ليس الإغراق في التبريرات كما هو الحال السائد في اللجنة الوزارية بل بات واجباً على أركان الدولة وقياداتها كافة اتخاذ قرار جريء بإطلاق حركة إصلاحية فعلية حتى يثبتوا للعالم عموماً والدول المستعدة للمشاركة في مؤتمر الدعم خصوصاً، ان لبنان جدير بالمساعدة ويستحق ان ترفده بالدعم عبر الاستثمارات التي تشكّل الإصلاحات الداخلية والموازنة الرشيقة إشارة الضوء الأخضر للشركات الراغبة في الانخراط فيها.