بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 تموز 2018 12:00ص المعارضة العونية تتحرّك ربطاً بالتحديات التي تواجه التيار ولا تحظى بالإستقطاب

أي دينامية تتخذ التناقضات المسيحية – الحزبية منصة محكومة بالفشل

حجم الخط

من الواضح أن الحراك المعارض يستهدف أولاً وأخيراً قيادة باسيل، مع أن مشكلة المفصولين من التيار باتت شخصية وعزَّزها اللقاء مع الرياشي في عزّ الاشتباك بين التيار والقوات

ليس تفصيلاً أن تتحرك ما إصطلح على تسميته «المعارضة العونية»، عند كل مفصل يواجه فيه التيار الوطني الحر تحديا سياسيا. هذا دأبها منذ أن سعى تياريون مفصولون أو مستقيلون الى تشكيل دينامية ما، اولا من داخل التيار ومن ثم من خارجه، إعتراضية على أداء القيادة. 
في ذهن المعارضين أن هذه القيادة (من ميشال عون الى جبران باسيل) أخطأت في تحديد الأولويات الحزبية والعامة، وكان لا بد من حراك لتصحيح هذا الأداء، إنتهى الى ما إنتهى إليه من قرارات فصل وإقالة وإستقالة في زمن قيادة ميشال عون ومن ثم جبران باسيل، مع بقاء مجموعات معارضة محدودة ضمن الإطار الحزبي. 
وليس تفصيلاً كذلك أن يلتئم شمل معارضين ومستقيلين ومفصولين الى مائدة على شرف وزير الإعلام ملحم الرياشي، في هذا التوقيت السياسي بالذات، حيث الخلاف على أشده بين قيادتي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وإستطراداً جمهورهما، ولا سيما الإفتراضي منه، وهو ما لا يمكن قراءته إلا في سياق رغبة هذه المجموعات في إستثمار التناقضات المسيحية - الحزبية لإيجاد مساحة سياسية لها.   
في الشكل، لا ضرر من أي إلتقاء سياسي أو إجتماعي يؤدي حكماً الى تعزيز دينامية الحوار بين مختلفِين، ويتيح إيجاد مساحات تلاقٍ تسهم في خفض التشنّج. أما في المضمون فلا يمكن مقاربة اللقاء الأخير بين الرياشي ومعارضين ومستقيلين من التيار خارج السياق السياسي العام والحزبي، ذلك أن التوقيت بحد ذاته يشي برسالة أرادها المعترضون أن تفعل فعلها، الى جانب الحرص على أن يشمل اللقاء حضور إعلاميين معارضين أو مناوئين للتيار، مما يوفّر القدرة على تسريبه مع الأهداف المراد تحقيقها من هذا التسريب، وهو ما حصل فعلا غداة اللقاء.  
يقول المعارضون والمفصولون أنهم في صدد إطلاق «حركة وطنية تضم نخبة مجتمعية حزبية ومستقلة، متحالفة ضد الفساد المستشري الذي تحاول السلطة تبريره»، وهذا الحراك سيظهر «في القريب العاجل من خارج التقليد بمهمة الحفاظ على الحياة السّياسيّة اللبنانيّة»، يجمعهم كذلك «الإمتعاض مما آل اليه الوضع المسيحي»، كل ذلك بهدف «إستعادة التيار الوطني الحر بمبادئه وأخلاقياته المعروفة».
1-من الواضح أن الحراك المعارض يستهدف أولا وأخيرا قيادة التيار الوطني الحر، وجبران باسيل شخصياً. فمن وجهة نظر المفصولين هو ترأس التيار بقوة مؤسسه العماد ميشال عون، ومن ثم حيّده عن أهدافه ومبادئه، وإستخدم الواقعية السياسية لتحقيق مآرب سياسية وإنتخابية وشخصية، وعقد تحالفات مصلحية وغرضية. 
2-ومن الواضح أيضا أن مشكلة المفصولين مع قيادة التيار باتت شخصية أكثر مما هي سياسية، بدليل طبيعة الحراك الراهن الذي يستعدون لإطلاقه وهو شبيه الى حد بعيد بتحركات سابقة إنتهت الى إبتعاد معارضين كثر. ويعزز هذا الطابع الشخصي للحراك أن باكورته كانت في اللقاء مع الوزير الرياشي في عزّ الإشتباك السياسي – القاعدي بين قيادتي التيار والقوات. 
3-كما أنه بات جلياً أن هذه المجموعة المعارضة التي فشلت سابقاً في حجز موقع حزبي متقدم لها، ومن ثم لم تنجح في تقديم نموذج سياسي (ما خلا تجارب متفرقة معارضة لم يكتب لها النجاح) تتقدّم به الى الرأي العام في الإنتخابات النيابية، تسعى راهنا الى إستثمار سياسي جديد، يُخشى أن يكون محرّكه محاولة اللعب على التناقضات المسيحية (الخلاف التياري – القواتي في هذه الحال)، وهو أمر محكوم بالتعثّر ربطاً بمحاولات عدة سابقة لمجموعات معارضة فشلت فشلا ذريعا لأن خطابها لم يحظَ بالإستقطاب اللازم في الوسط المسيحي نتيجة مجموعة عوامل أهمها أن الفرز متى يبلغ أوجه لا يترك مكانا لأحزاب أخرى هي أقلوية، فكيف بمجموعات متفرّقة تتحوّل هامشية متى إستعر الإصطفاف وإشتدّت حدّته.