بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تشرين الثاني 2017 12:00ص المعلوم المجهول

حجم الخط
بإنتقال الرئيس سعد الحريري إلى باريس، خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة، يكون قد أقفل الباب أمام كل الذين حاولوا استغلال وجوده في الفترة الأخيرة في المملكة العربية السعودية، وإعلانه من الرياض استقالته من الحكومة مع شرح الأسباب الموجبة لتقديمها وهي التدخل الإيراني ومعه حزب الله في الشؤون الداخلية للدول العربية، وكان آخرها مشاركة الحزب المباشرة في إطلاق صاروخ باليستي على الرياض اعتبرته المملكة بمثابة إعلان حرب عليها، وطويت معها صفحة المتاجرة بوجود الرئيس الحريري على انه محتجز أو في الإقامة الجبرية، وانه اجبر على تقديم استقالته التي لم تكن واردة عنده قبل انتقاله إلى الرياض.
نقول طويت صفحة المتاجرة بالرئيس الحريري لتبدأ صفحة مواجهة الحقيقة التي أكّد عليها الرئيس المستقيل في مقابلته التلفزيونية يوم الأحد ولكل من اتصل به أو زاره في مقر اقامته في الرياض من سفراء عرب واجانب ولبنانيين، وكان آخرهم البطريرك مار بشارة الراعي الذين أعلن من الرياض انه مقتنع كل الاقتناع بالأسباب التي دفعت بالرئيس الحريري إلى تقديم استقالته من الرياض، وبأن يتوجّب على لبنان الرسمي ان يتعاطى بجدية قصوى مع لب المشكلة واساسها لا أن يُغرق الشعب اللبناني ببطولات وهمية لا تجر عليه سوى المصائب، ألا وهي البحث في الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى هذه الاستقالة وليس الاستمرار في التهجم على المملكة العربية السعودية من باب الحرص على الكرامة الوطنية والسيادة والاستقلال، وهذه الأسباب شرحها الرئيس الحريري في بيان استقالته وهي خروج لبنان الرسمي عن سياسة النأي بالنفس حيال الصراعات في المنطقة، والاستمرار في تغطيته لحزب الله وتدخلاته بإيعاز إيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية واشتراكه العملي في عمليات عدائية تستهدف هذه الدول كمثل خلية العبدلي في الكويت وإطلاق الصاروخ الباليستي على عاصمة المملكة العربية السعودية في الرياض إضافة إلى تدخله العسكري في سوريا والعراق وتركيب المؤامرات على مملكة البحرين.
فالرئيس الحريري الذي سيعود حتماً خلال أيام معدودة، سيقدم استقالته وفق الأصول الدستورية والأعراف إلى رئيس الجمهورية، وسيؤكد على الأسباب التي دفعته إلى تقديمها. وهي نفسها التي شرحها في بيان الاستقالة من الرياض وعلى عدم العودة عنها إلا إذا عاد لبنان قولاً وفعلاً إلى سياسة النأي بالنفس والحياد عن الصراعات العربية، وليس بالكلام المعسول وبالوعود التي لم يتقيد بها يوماً منذ ان تمت التسوية السياسية وجيء بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وبالحريري رئيساً لحكومة إئتلافية تضم حزب الله وتتبنى سياسة النأي بالنفس والحياد بين الدول العربية وليس الاكتفاء بإطلاق كلام في الهواء عن الالتزام بسياسة النأي بالنفس، فهل ان لبنان الرسمي وصل إلى مثل قناعة الرئيس الحريري، فإذا كان الجواب نعم يكون لبنان ما زال قادراً على تجاوز هذه الأزمة، وإذا كان الجواب لا، وهذا ما توضحه المواقف الرسمية، تكون البلاد قد دخلت ليس في أزمة حكم وحسب بل تكون دخلت أو ادخلت في المجهول.