بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تشرين الثاني 2019 12:00ص المكتسبات السلطوية

حجم الخط
بعد مرور أربعة أسابيع على الانتفاضة، واسبوعين على استقالة حكومة «الى العمل» ما زالت المراوحة سيّدة الموقف، فرئيس الجمهورية وحليفه حزب الله ما زالا على موقفهما القائل بوجوب الاتفاق المسبق على حكومة تكنوسياسية قبل التكليف ولا مانع عندها بأن تكون برئاسة  سعد الحريري، والرئيس المستقيل لا يزال عند موقفه بوجوب الانتقال إلى حكومة جديدة تحاكي المستجدّات السياسية وهو لن يتأخّر من خوض التحدّي بحكومة تكنوقراط من أصحاب الاختصاص والخبرة، ومشهود لهم بنظافة الكف، ويعتبرون العودة إلى حكومة على صورة الحكومة المستقيلة مع بعض التجميل، طرحها في غير محله، وهو مستعد لأن يكون شريكاً بتسهيل الأمور والتوافق على شخصية مؤهلة لمواجهة تحدّيات المرحلة الراهنة، بمعنى ان الكرة ليست في ملعبه بل هي في ملعب الفريق الآخر، أي رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي، ويرى أيضا ان الأمور مفتوحة على خطين، إذا قرر هذا الفريق السير بخيار حكومة التكنوقراط فهو مستعد لتحمّل المسؤولية، وإذا رفضت السير بهذا الخيار فهو آنياً مستعد لتسهيل الأمور برئيس حكومة مؤهّل لتولّي هذه المسؤولية.

ويبدو حتى الآن، ان رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي ما زالوا متمسّكين بخيار حكومة التكنوسياسية لأسباب لم يخفوها وهي ان هكذا حكومة تبقى أولاً على الضمانات التي يتمتع بها حزب الله وتبعد عنه شبح الاستهداف الأميركي الذي تحدث عنه الأمين العام السيّد حسن نصر الله في آخر خطاب له، وتضمن في ذات الوقت بقاء رئيس التيار الوطني الوزير السابق جبران باسيل في الحكومة الجديدة بما ومن يمثل. وهذا يفسّر كلام رئيس الجمهورية في مقابلته الإعلامية من ان الرئيس الحريري متردد في القبول بترؤس هكذا حكومة، وبأن الوزير باسيل الذي يرأس أكبر كتلة في المجلس النيابي هو من يُقرّر ما إذا كان يُشارك في الحكومة الجديدة المقترحة أم يبقى خارجها. الا ان الرئيس عون وعطفاً على موقفه ما زال يُصرّ على تكنوسياسية يكون الوزير باسيل أحد أركانها الأساسيين، وأكّد أمس، أمام عدد من السفراء الأجانب ان العمل قائم لتشكيل الحكومة الجديدة التي وعد بها الحراك الشعبي الواسع وردّ عليها بالتصعيد في كل الساحات والتصميم على المواجهة المفتوحة إلى أن يستجيب رئيس الجمهورية إلى كل مطالبه وأولها تشكيل حكومة تكنوقراط من ذوي الاختصاص والكفاءة ونظافة الكف، وهي الأسباب نفسها التي حدت بمدير دائرة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية السفير كريستوف فارنو ليدعو قبيل مغادرته لبنان إلى تشكيل حكومة في أسرع وقت تكون كفوءة وفعّالة وقادرة على اتخاذ قرارات تستجيب لتطلّعات الشعب اللبناني وقادرة على إعادة الثقة.

أمام هذه التطوّرات الدراماتيكية التي يعيش لبنان على كرة النار الملتهبة، يبقى السؤال الذي يطرحه اللبنانيون، هل يعود رئيس الجمهورية إلى ضميره، ويعمل بسرعة على وقف الانهيار، أم يبقى على عناده في الدفع نحو المجهول المعلوم. الجواب مرهوناً بالخطوات التي تردّد انه سيقدم عليها في الساعات القليلة المقبلة وهي الدعوة إلى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة تستجيب لتطلّعات الشعب اللبناني وقادرة على إعادة الثقة كما نصح الموفد الفرنسي، أم تبقى الأولوية عند المكتسبات السلطوية؟