بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيار 2019 11:05ص الموازنات العامة في لبنان.. تاريخ من التأخير

حجم الخط

ليست موازنة 2019 هي الموازنة الوحيدة التي لم تقر في موعدها القانوني بحسب الدستور اللبناني، بل أنه نتيجة الخلافات السياسية بين أطراف السلطة وخصوصاً بعد إتفاق الطائف، أصبح التأخير بإقرار الموازنة العامة "عرفاً"، واعتاد المسؤولون على التباطؤ بإعدادها، لا سيما بعد 11 سنة من عدم إقرار أي موازنة قبل أن يشهد عام 2017 على عودة إعداد الموازنات وإقرارها.

في ما يخص الموازنة التي يتم مناقشتها حالياً في مجلس الوزراء، فالتعجيل بإقرارها هو ضرورة قانونية اليوم الى جانب كونه ضرورة إقتصادية لانتظام مالية الدولة، فالمجلس النيابي كان قد أقر القانون الرقم 112 في تاريخ 26 آذار 2019 باعتماد القاعدة الاثني عشرية لغاية 31-5-2019، أي أن بعد أسبوع من اليوم تنتهي المهلة، وإذا لم تقر وتحال الى المجلس النيابي في الفترة المحددة، سنكون أمام خرق جديد للقوانين والدستور في هذه المسألة، تضاف الى الخروقات السابقة والتاريخية بشأنها.

تاريخياً، فسوابق التأخير بإقرار الموازنات العامة كثيرة ومقسمة على فترات، ففي فترة ما قبل الحرب الأهلية، أي الفترة الممتدة من سنة 1960 الى سنة 1975، حصل تأخير في إقرار الموازنات العامة بنحو شهر وبضعة أيام وكمتوسط شهر و20 يوماً، وأقرت الموازنات في جميع السنوات. أما في سنوات الحرب، أي بين سنة 1975 وسنة 1989، فقد حصل تأخير في إقرار الموازنات ما بين شهرين و8 أشهر وكمتوسط 4 أشهر ونصف الشهر سنوياً، ولم تقر الموازنة العامة في الأعوام 1986-1987-1988-1989.

بعد انتهاء الحرب عقب إتفاق الطائف الذي أصبح دستوراً للبنان، تأخرت أولى الموازنات عام 1990 7 أشهر و20 يوم، وظل التأخير يتصاعد وصولاً الى عام 1994 حيث تراجع الى شهر ونصف، وبقيت الأمور على هذا المعدل الى سنة 1999 حيث وصل التأخير الى 6 أشهر و3 أسابيع. وشهدات سنوات 2000 وصولاً الى 2004 تأخير من شهر الى 6 أشهر، الى أن أتت سنة 2005 التي كانت مفصلية في تاريخ لبنان عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث تأخرت بها الموازنة نحو سنة وشهر و3 أيام، لتكون آخر موازنة تصدر قبل سنة 2017.

بعد التسوية الرئاسية التي أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وأعادت الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة، عادت مناقشات الموازنة الى جلسات مجلس الوزراء مجدداً، وأقرت موازنة 2017 بعد تأخير دام 10 أشهر و3 أيام، وأحالت حكومة الحريري موازنة 2018 التي أقرت بعد تأخير 3 أشهر و18 يوماً.

متى يجب أن تقر الموازنة العامة؟

تبعاً لنص المادة 83 من الدستور "كل سنة في بدء عقد تشرين الأول الذي يبدأ أول ثلاثاء يلي 15 تشرين أول، تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة لنفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بنداً بنداً".

وتنص المادة 86 من الدستور على أنه "إذا لم يبت مجلس النواب نهائياً في شأن مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعين لدرسه، فرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة يدعو المجلس فوراً إلى عقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة العامة. وإذا انقضى العقد الاستثنائي هذا ولم يبت نهائياً في مشروع الموازنة فلمجلس الوزراء أن يتخذ قراراً يصدر بناءً عليه عن رئيس الجمهورية مرسوم يجعل بموجبه المشروع بالشكل الذي تقدم به إلى المجلس مرعياً ومعمولاً به. ولا يجوز لمجلس لوزراء أن يستعمل هذا الحق إلا إذا كان مشروع الموازنة قد طرح على المجلس قبل بداية عقده بخمسة عشر يوماً على الأقل". وخلال العقد الاستثنائي تجبى الضرائب وتصرف النفقات وفقاً للقاعدة الإثني عشرية أي كما كانت النفقات في العام السابق مقسمة إلى 12 جزءاً.

أي أن الموازنة يجب أن تحال إلى مجلس النواب قبل منتصف شهر تشرين الأول ليقرها قبل نهاية السنة وإذا حصل تأخير فهو حتى نهاية شهر كانون الثاني وتجاوز هذه المهل من قبل الحكومة أو مجلس النواب يعد تجاوزاً للقانون. فانجاز الموازنة وإقرارها قبل بداية كل سنة هو أمر ضروري وواجب قبل أي عمل آخر. ويمكن للحكومة أن تصدر الموازنة شرط أن تكون قد أحالتها إلى مجلس النواب قبل 15 يوماً من بدء عقد تشرين الأول. وهذا الأمر لم يحصل في الحالة الراهنة وبالتالي لا يمكن للحكومة إصدار الموازنة فهي لم تقرها حتى اليوم ولم تحيلها إلى مجلس النواب ما يعني أن هناك تجاوزاً للقانون من قبل الحكومة وأيضاً من قبل مجلس النواب الذي لم يسأل الحكومة ويراقبها في عملية انجاز الموازنة العامة.