بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 آذار 2021 06:41ص «المودعون» يُحذرون: قد نتخلى عن السلميّة!

حجم الخط
كان ذلك في شباط من العام الماضي حين لم تكن الأزمة المالية تتخذ حتى شكلها الصارخ كما هو اليوم. حينها حاول المواطن حسن مغنية سحب اموال من احد فروع مصرف رئيسي في البلاد، في مدينة صور لمعالجة والدته المريضة. تمنّع المصرف عن توفير مبلغ بالدولار لفعل انساني كان مغنية في امس الحاجة له.

حاول ذلك المواطن كثيرا بادىء الامر قبل ان يلجأ الى القانون ليحصل على حكم قضائي سرعان ما وقف في الاستئناف. لم ييأس فحصل على حجز لممتلكات المصرف ومنع سفر على مجلس ادارة البنك حتى بلغ به الامر ان قرر ان يتحصل على حقه بيده، فنزل وأغلق البنك بالجنزير وحجز الموظفين ومنع العمل فيه لمدة أسبوع.. قبل ان يذعن المصرف!

منذ ذلك الحين، لمعت الفكرة في ذهن مغنية لتأسيس كيان يمثل المودعين ويتحدث بإسمهم وينادي بقضاياهم فكانت «جمعية المودعين اللبنانيين» التي تقارب قضايا من اودعوا جنى عمرهم في المصارف وعجزوا عن استحصالها. 

يوم بعد الآخر، يكبر دور الجمعية التي تعلق عليها الآمال الكبيرة ويخشى كثيرون ان تكون «العين بصيرة واليد قصيرة»، لكن مغنية ورفاقه لا يعترفون بذلك وهم لم يكتفوا بجهودهم على المستوى الفردي للمودعين بل يتعدى الأمر ذلك ليتوسع الى المستوى الاقتصادي والمعيشي في قضاياهم التي يثيرونها.

يسهب مغنية في الحديث عما تحقق ويبدو من حديثه ان الهدف الرئيسي للجمعية هو المصارف «التي تنحر نفسها عبر اجراءاتها بحق المودعين، فهي اضافة الى حجزها اموالهم، تمارس الذل بحقهم وتقوم بممارسات غريبة مثل اقفال حسابات وتجارة شيكات وفرض خوات وعمولات وآخرها ما تردد عن البطاقة الائتمانية». 

لا يريد المودعون ضرب القطاع المصرفي بل اعادة الثقة بالقطاع التي يرونها ضرورية ولذلك «نحن لا نقول لكل المودعين ان يرفعوا دعوى على المصارف او يسحبوا اموالهم كون ذلك سيؤدي الى الافلاس». لكنه يتوجه الى البنوك: لقد جنيتم ارباحا طائلة ويجوز ان تتحملوا خسارة لبعض الوقت لسنة او لسنتين، لكن هذا الامر غير وارد عندهم ويتسلحون بحجة تحمّل الدولة ومصرف لبنان مسؤولية الخسارة». 

يشير مغنية الى ان كل مصاريف البنوك واعمالهم وخدماتهم ورواتب موظفيهم تسحب من اموال المودعين بطريقة وهمية، «وفي الفترة الماضية ضغطنا كثيرا واستحصلنا على احكام كثيرة في حق الناس، ونتوجه الى القضاء لإنصاف المودعين ولو في حالات انسانية ومرضية وعلمية». يتحدث رئيس الجمعية انهم ساهموا بضغطهم بانطلاق منصة الدولار على الـ 3900 ليرة، والجمعية تضغط اليوم لرفع السعر قياسا الى السوق السوداء. 

ويبدو ان مغنية ورفاقه قد انخرطوا بقوة في الحراك الشعبي ويتحدث عن مقاربة عامة اليوم لمشاكل البلد. «طموحنا ان نحقق ما يعرف بـ»الماكرو» على المستوى العام وليس فقط بـ«المايكرو» على المستوى الخاص، أي مقاربة المشكلة الاقتصادية بمكنونها الحقيقي العام وليس فقط عبر اموال المودعين». هدفنا الاول كان حماية المودعين واستعادة حقهم ومع كبر حجمنا بتنا نقارب الوضع الاقتصادي القائم وقضايا معيشية تهم المواطن مثل ربطة الخبز والبنزين وغيرها..

وهو يأسف لكون القضاء اللبناني لا يعرف ما يصطلح بتسميته بالدعاوى الجماعية، بل يقارب فقط تلك الفردية «لذا لا نستطيع رفع دعوى بإسم المودعين كافة، وثمة دور كبير يقع على عاتق مجلس النواب حيث الممثلون على  الشعب كما أسميهم وليس للشعب، ويقع على عاتق السلطة التشريعية اصدار القوانين لكي تلجم القطاع المصرفي وتصوب طريقة عمله».

ما أخذ بالقوة 

لا يسترد إلا بالقوة

والى جانب سعر المنصة، يتمثل الهدف الآني الآخر بمواجهة الدعم المطلق الذي يقوم به مصرف لبنان من اموال المودعين، والحل الوحيد لتخفيض سعر صرف الدولار سيكون بضخ الدولار وممنوع ضخ الدولار عبر المصارف، كما يؤكد.

«نحن متطوعون في عملنا ونترك للمودعين لكي يتحدثوا عما انجزناه وتتمثل اهدافنا المقبلة في المصارف التي تستطيع ان توفر الدولار في شكل مقونن، والبنك المركزي المسؤول عن سلامة النقد وحماية العملة اللبنانية والذي لا يزال حاكمه يربط الحل بتشكيل الحكومة». ويضيف: لقد تظاهرنا امام جمعية المصارف والسرايا الحكومية ومجلس النواب وسنصعد من تحركاتنا ويجب ان يتم الاعتراف الرسمي بالودائع وبعملة الايداع وعدم اخذ المودعين رهائن للتفاوض مع الدولة والحاكم.

على ان الجمعية لا تقتصر على المودعين، وفيها اللجان الاقتصادية والقانونية والاعلامية، وتستقطب خبراء اقتصاديين، والاهم اليوم قد يكون عملها الميداني على الارض.

وفي ظل افتقاد الثقة بالسياسيين وعد تأمل حل من قبلهم اقله قبل الانتخابات المقبلة كون الطبقة السياسية لن تلجأ الى ضرب نفسها بنفسها، ستُصعد الجمعية التي لا تزال محرومة من الترخيص الرسمي الذي قدمت العلم والخبر له منذ نحو عام، في تحركات ضاغطة.

يقول مغنية آسفا هنا: لم نعد نؤمن بالطرق السلمية وبتنا مجبرين على اتباع سبل أخرى فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. ولائحة المستهدفين طويلة ولدينا خططا بديلة لأماكن توجهنا، وللعلم فقد منعنا البعض من الانتحار على ابواب المصارف وحرق نفسه واقتحامها بالسلاح، واذا كان هذا ليس حلا فقد يرى البعض الخيار الشمشومي بديلا «فعلي وعلى أعدائي»!