بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 كانون الأول 2019 12:00ص الميثاقية تعني تطبيق الدستور وليس السماح للقوي بتجاوزه

حجم الخط
الميثاقية لا تعني استفراد الطوائف في صنع القرار بما يتعلق بمن يتبوأ المواقع الرئاسية للطوائف في النظام بل تعني المشاركة في صنعه بالتوازي مع باقي الطوائف تحت سقف الديموقراطية وطبقا لقواعد الدستور..والميثاقية ليست كلمة بلغز لكي يختلط على الناس أمر تفسيرها أو يفسرها البعض كما يريد ويهوى أو يسرد في التحليل حول معانيها.. هي في أصلها كلمة تعود الى ميثاق.. أي إتفاق تفاهم يتم توثيقه وفق قواعد معينة فيما يتعلق بعالم السياسة والمجتمعات والدول..هذا اتفاق يتم توثيقه في قواعد ونصوص الدستور الذي يكفل في نصوصه هذه وقواعده حقوق الجميع ويرشدهم الى كيفية ادارتها.. 

الميثاقية هي في روح الدستور فيما في نصوصه أو بعضها على الأقل كيف لهذه الروح أن تدب في كل عملية دستورية لتمنحها غطاء الميثاق.. دستورنا واضح وليس فيه ابدا هذا التفسير للميثاقية الذي يحاولون اخبارنا من خلاله أن الأقوى تمثيلا نيابيا في طائفته يملك حق تبؤ موقع طائفته في النظام..هذا ليس من الدستور بشيء ومن يحمل رايته هو يعلم تماما بذلك ويعلم أن حرف تفسير الميثاقية الى هذا النحو ليس إلا محاولات لتحقيق مصالح سلطوية على حساب تطبيق الدستور.. فإذا كان بمفهوم هؤلاء أن تفسير الميثاقية هو هذا إذا لماذا تم اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري يوم كان في البيت الابيض باستقالة ثلث وزرائها؟.. ألم يكن الرئيس سعد الحريري حينها يمثل ميثاقيا وهو الذي كانت كتلته في تمثيلها النيابي الطائفي بلغت حدا غير مسبوق في نسبة التمثيل النيابي السني في المجلس النيابي والتي استبدلت بحكومة ترأسها غيره مع احترامنا للجميع لم يكن يملك من هذا المنظار الميثاقي ما تجوز فيه المقارنة ؟..

الميثاقية لا تعني تجاوز الدستور بل تعني تطبيقه بحذافيره.. هي لا تعني أن الأقوى تمثيلا نيابيا يملك ما لطائفته من حقوق في النظام والا ما حاجة رئيس الجمهورية أي رئيس للجمهورية في أي وقت للقيام باستشارات نيابية ملزمة حين تصبح اي حكومة مستقيلة لسبب من الأسباب ؟.. وما حاجة المجلس النيابي ليجتمع ليستفتي آراء النواب من خلال صندوق الاقتراع داخله في كل مرة يكون فيها شغور في سدة رئاسة الجمهورية أو رئاسة المجلس النيابي ؟.. 

منذ بدأ الكلام عن « التوافقية الديموقراطية « في السلوك السياسي بعيدا عما يقوله الدستور دخلنا عصر الفوضى وشل كل امكانية لعمل سياسي منتج وكل امكانية للمحاسبة وأضحت عمليات ملء كل فراغ في سدة الرئاسات يحتاج أشهر واحيانا سنوات ليتم اشغاله..هل تتسألون لماذا نحن نتراجع الى الوراء وتتردى اوضاعنا ونختلف حول ما اساسا لا يقبل الاختلاف ؟..انه الخروج عن المنطق... هو كذلك لأن هناك من يقفز فوق المصالح الوطنية لحساب مصالحه الفئوية..نحن كذلك لأن هناك من يضع العربة أمام الحصان ونتعجب كيف تبقى مكانها.. مظلومين كل مواطنينا مع هذا النمط من التفكير والسلوك السياسي الذي يقفز فوق كل منطق..مسكين وطننا كم من أبناءه يحاصروه في أن يكون وطن..مسكينة دولتنا كم من ابنائها يحاصرونها في أن تتقدم..

تنهكنا جميعا هذه الأنانيات.. تحاصرنا جميعا كل هذه التفسيرات الخاطئة للميثاقية وللدستور وللديموقراطية ولممارسة السياسية وكل شأن عام.. 

يخيفنا هذا اللاتقدير لقيمة التنوع ضمن الوطن وضمن كل طائفة.. نحن دولة مؤسِّسة للأمم المتحدة وللجامغة العربية..نحن دولة ابناؤها يحلقون في الخارج.. نحن دولة مرتفعة لدينا كل نسب العلم و الثقافة والتسامح والانفتاح.. بالله عليكم من هذا الذي يعيدنا الى الوراء ؟..