بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 كانون الأول 2017 12:00ص النأي بالنفس تحت الاختبار

حجم الخط
ما زالت التسوية الجديدة التي قامت على موافقة كل مكونات الحكومة على الالتزام بالنأي بالنفس عن الصراعات العربية، وعن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما كان السائد قبل استقالة الرئيس سعد الحريري من الحكومة، ما زالت رغم مرور عدّة أسابيع موضع اختبار لا سيما بعد زيارة الخزعلي إلى الحدود مع إسرائيل من دون الحصول على إذن مسبق من قيادة الجيش موضع اختيار من الرئيس الحريري الذي أعلن مؤخراً أنه يتابع شخصياً النأي بالنفس، وهذا التصريح يحمل على القول بأن التجربة الجديدة ما زالت خاضعة للاختبار من قبله، وهذا كلام صحيح ومقنع، إذا أخذنا بالاعتبار ان الوضع الذي أدى إلى الاستقالة ما زال على حاله، فحزب الله ما زال يتواجد في سوريا والعراق واليمن ولم ينسحب حتى الآن، من هذه البلدان لكي يثبت التزامه بالنأي بالنفس، وان كان قد خفف كثيراً من لهجته المعادية للمملكة العربية السعودية وغاب عن تصريحات كبار مسؤوليه من الأمين العام السيّد حسن نصر الله إلى باقي مسؤوليه أي كلام حاد تجاهها منذ الاعلان عن التسوية الجديدة، من دون أن يعلن ولو مراعاة لهذه التسوية انه يفكر أو انه بصدد سحب قواته التي تحارب في البلدان الثلاثة أو الإعلان بصراحة ووضوح تأمين انه يلتزم فعلاً لا قولاً بسياسة النأي بالنفس تقيداً بالقرار الذي اتخذته الحكومة التي يُشارك فيها بهذه السياسة لأنها السبيل الوحيد للحفاظ على الاستقرار السياسي في الداخل اللبناني، وهذا ما يحمل على الاعتقاد بأن الأمور قابلة لأكثر من احتمال، أو أن الالتزام بالنأي بالنفس لا يزال في نظر الحزب خاضعاً لمسار التطورات السياسية والأمنية الجارية في عدد من الدول العربية، ولا سيما منها مسار المفاوضات بين النظام السوري والمعارضة الذي تعثر للمرة الثامنة في مفاوضات جنيف وشرع الأبواب أمام احتمال العودة إلى التصعيد العسكري في سوريا.
وحتى إذا أقدم حزب الله على بعض الخطوات التي تتلازم مع سياسة النأي بالنفس لإراحة الرئيس الحريري مع الإصرار الدولي على إيجاد حل للأزمة السورية القائمة منذ أكثر من سبع سنوات، وفتح بذلك الأبواب امام الاستقرار الداخلي، يبقى الوضع قابلاً للتقلبات الكثيرة لأنه لا يزال مرتبطاً بالتطورات في مناطق الاشتعال في عدد من الدول العربية وبين تلك الدول وإيران التي ازدادت حـدّة وتباعداً في الأسابيع القليلة الماضية ولم يحصل أي تقدّم على الصعيد الدبلوماسي بين إيران والمملكة العربية السعودية، الأمر الذي يحرج حزب الله، ويحد من خياراته الاستراتيجية والايديولوجية التي يُمكن من خلالها الحكم على التزامه بسياسة النأي بالنفس التي لا يزال يعتبرها الرئيس الحريري القاعدة الأساسية لبقائه في رئاسة الحكومة أو العودة إلى الاستقالة منها ووضع الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام مسؤولياتهم الوطنية والتاريخية أو أمام المصداقية بالنسبة إلى اعتماد سياسة النأي بالنفس كأساس لا بدّ منه للاحتفاظ بالاستقرار السياسي، وبقاء لبنان بعيداً عن لهيب النار المشتعلة بالمنطقة، فإلى متى يُمكن للرئيس الحريري الذي عاد بعد القبول بشروطه عن تلك الاستقالة المدوية.