بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 كانون الأول 2017 12:05ص النأي بالنفس

حجم الخط
 
وأخيراً، وليس آخراً، اسدل الستار على آخر فصول استقالة الرئيس سعد الحريري في الرابع من تشرين الثاني الماضي، والتي هزّت الساحة الداخلية، وشغلت الرأي العام الدولي بلبنان وبشعبه، وفتحت صفحة جديدة عنوانها التزام الحكومة، بكل مكوناتها، النأي بالنفس عن نزاعات أو حروب تضرّ بعلاقات لبنان السياسية والاقتصادية مع أشقائه العرب التزاماً بالبيان الوزاري الذي ألف بين مكوناتها ومنحها ثقة الغالبية الساحقة في المجلس النيابي.
وباستثناء عبارة «قولاً وفعلاً» التي وردت في البيان التسوية الذي أذاعه رئيس الحكومة بعد انتهاء الجلسة القصيرة التي عقدها مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري، جاء البيان نسخة طبق الأصل عمّا جاء في بيان الثقة، حيث أعاد التذكير بما ورد في خطاب القسم للرئيس عون من أن لبنان السائر بين الالغام، لا  يزال بمنأى عن النار المشتعلة حوله في المنطقة بفضل وحدة موقف الشعب اللبناني وتمسكه بسلمه الأهلي. من هنا ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية، ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية وبشكل خاص المادة الثامنة منه مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي حفاظاً على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في إطار الاحترام المتبادل للمواثيق الدولية أيضاً، وبالتالي لم يأت بأي جديد يُمكن أن يثبت الفعل لا القول فقط في الالتزام التام بالنأي بالنفس، خصوصاً وأن الذين وضعوا هذا البيان عندما تشكّلت الحكومة وذهبوا به إلى مجلس النواب الذي منحهم ثقته على أساسه، لم يحترموا أي حرف فيه، هم أنفسهم الذين التزموا اليوم بالنسخة الجديدة للبيان نفسه من دون وجود أية ضمانات للالتزام بحرفيته التي تفضي، قبل أي أمر آخر، إلى صدور إعلان رسمي من حزب الله بالانسحاب من كل الساحات العربية التي يُشارك في صراعاتها الداخلية، ويعمل على زعزعة الأمن والاستقرار فيها كالتزام جدي بحرفية النص الذي ورد في خطاب رئيس الجمهورية، وهذا يحمل على فتح علامة استفهام كبيرة عمّا سيؤول إليه البيان الجديد الذي صدر عن مجلس الوزراء، والذي على أساسه وبناء على ما تضمنه، عاد الرئيس سعد الحريري عن استقالته المدوية، معتبراً ان مجلس الوزراء مجتمعاً أخذ بكل الأسباب التي دفعته إلى تقديم هذه الاستقالة، بمعزل عن كل الملابسات التي أحيطت بها من قبل بعض القوى السياسية وتحديداً من قبل حزب الله، ونجح إلى حدّ بعيد في تحويل الأنظار عن الأسباب التي أدت إلى تلك الاستقالة.
ثمة كلام كثير عن ضمانات دولية، لضمان وضع ما جاء في البيان موضع التنفيذ الفعلي وليس الاكتفاء بالقبول اللفظي على ما تعوّد عليه اللبنانيون في التجارب السابقة التي مروا بها على هذا الصعيد نفسه، تردّد في الأيام القليلة الماضية في الأندية الدولية، لكن كل ذلك لا يكفي وحده لوضع حدّ للحالة التي وصل إليها لبنان، ما دام حزب الله يعتبر أن ما صدر أمس عن مجلس الوزراء هو تأكيد لما كان تضمنه البيان الوزاري الأول للحكومة ولم يوضع موضع التنفيذ لأن الحزب شارك في الحكومة من موقعه كشريك في صراعات المنطقة وقبل به على هذا الأساس، ولم يتغير أي شيء بين الأمس واليوم حتى يعدل في مواقفه واستراتيجياته، إلا في حالة واحدة، وهي عدول إيران التي تمده بالسلاح والعتاد عن تدخلها في المنطقة والتزامها جانب الحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بهدف زعزعة الاستقرار وتهديد أمنها القومي.
على أي حال، فإن ما صدر عن مجلس الوزراء من تأكيد على التزام الجميع النأي بالنفس خطوة إيجابية لكنها ما زالت بحاجة إلى ضمانات لوضعها موضع التنفيذ.