بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 أيار 2018 12:00ص الواقع والمرتجى

حجم الخط
بعد تمديد ثلاث مرات للمجلس النيابي، وانتهاك لأبسط مبادئ الديمقراطية على مدى تسع سنوات، حصلت الانتخابات النيابية، واختار الشعب اللبناني ممثليه للسنوات الأربع القادمة، ورغم كل الشوائب التي رافقت العملية الانتخابية، لقيت هذه الخطوة التي أقدمت عليها الطبقة السياسية تأييد المجتمع الدولي الذي كان قلقاً من أن يفقد لبنان سمته الديمقراطية التي ميزته عن دول كثيرة في المنطقة على مدى العقود الماضية، وها هو لبنان يدخل مجدداً في مرحلة إعادة انتظام المؤسسات وفق مقتضيات نظامه الديمقراطي المكرّس في الدستور وسط تطورات دراماتيكية مقبلة على المنطقة، فهل يجتاز لبنان هذه المرحلة بالغة الدقة والخطورة في آن وتنتصر إرادة تغليب المصالح الخارجية على المصلحة الوطنية العليا كما هو مطلوب أم انه سيقع في فخ الصراعات الاقليمية التي تهب على المنطقة، ويكون أحد ضحاياها اذا لم نقل الضحية الأولى فيها؟
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان أول المتنبهين لهذه المخاطر فسارع إلى التأكيد في أول كلام له بعيد الانتخابات في معرض تحديده الأولويات للمرحلة المقبلة أن الاستراتيجية الدفاعية ستكون مدار بحث معلناً انه سيسعى مع رئيسي المجلس النيابي والحكومة كي يستعيد المجلس العتيد دوره الرقابي والتشريعي، فيكون بذلك مساحة اللقاء الطبيعي لعرض القضايا التي تهمّ اللبنانيين ومناقشتها، ولا سيما تلك التي ستكون محور حوار وطني يعتزم الدعوة إليه بهدف استكمال تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته الواردة في وثيقة الوفاق الوطني ووضع استراتيجية دفاعية تنظم الدفاع عن الوطن وتحفظ سيادته وسلامة أراضيه.
رئيس الجمهورية لم يقل ذلك لكي يضع العربة قبل حصان تأليف الحكومة، بل جاء ذلك استجابة للمجتمع الدولي الذي يولي هذا الملف الأهمية القصوى، وقد سمع رئيس الحكومة الأوفر حظاً لترؤس الحكومة الجديدة، مثل هذا الكلام من أعضاء المجموعة الدولية لدعم لبنان في العاصمة الفرنسية والايطالية وان ضبط السلاح المتفلت وحصره بيد القوى الشرعية يعتبر من أبرز المهمات التي على بيروت إنجازها في الفترة المقبلة ترجمة لالتزامها الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن 1559 و1701، وان أي دعم قرر أو سيقرر يبقى مربوطاً بمدى وفائه بتعهده بحث الاستراتيجية الدفاعية.
وما لم يتراجع رئيس الجمهورية عن تعهداته تلك، ويسلم بوجهة النظر التي عبّر عنها نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من أن البحث في سلاح المقاومة خط أحمر قبل زوال العدو الإسرائيلي من الوجود، فهذا يعني ان البلاد التي اجتازت الاستحقاق النيابي، وعادت إلى الديمقراطية مقبلة على أزمة كبيرة، تقارب أزمة الحكم وان كانت نجحت في الاتفاق على تسمية رئيس الحكومة الجديدة، وهذا ما عبر عنه بصدق الرئيس نبيه برّي المؤهل للفوز بالتزكية في رئاسة مجلس النواب للسنوات الأربع المقبلة عندما قال بأنه يرى تأخيراً في تشكيل الحكومة في مقابل الاستعجال في الاتفاق على من سيكلف بتشكيلها، ويعني بذلك الرئيس سعد الحريري الذي عاد الى المجلس النيابي بأكبر كتلة نيابية بعد الثنائي الشيعي.
وعندما يقول الرئيس برّي ذلك فهو يعرف موقف حزب الله من طرح رئيس الجمهورية لجهة الاستراتيجية الدفاعية، كما يعرف ذلك الرئيسان عون والحريري وما يعرفه ان حزب الله لن يقبل تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته، ولن يدخل أية حكومة يتضمن بيانها قبل هذا الشرط، وهذا وحده كاف لإدخال البلاد في أزمة سياسية طويلة، في حين ان المطلوب من الجميع في ظـل ما تعيشه المنطقة من تطورات دراماتيكية تنذر بوقوع حرب بين اسرائيل وإيران في سوريا ولبنان ان يتعالوا على المصالح الخاصة، من أجل تجنيب البلاد شرور ما هو آت على المنطقة.