بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 آذار 2023 04:03م باريس والرياض : لرئيس جامع يكسب ثقة الأشقاء والأصدقاء ..استمرار الشغور الرئاسي سيبقي سياسة الارتجال والعشوائية

حجم الخط
حسناً فعل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي جمع مجلس الوزراء على عجل، اليوم، بالعودة إلى اعتماد التوقيت الصيفي، بعد ارتفاع منسوب الاحتقان الطائفي الإسلامي المسيحي الذي كاد أن يفجر البلد . وهو أمر أظهر بوضوح هشاشة التركيبة اللبنانية، وكشف أن اللبنانيين لا زالوا أسرى متاهات التعصب والفئوية أكثر من أي وقت مضى، بعدما كان قرار إداري بحت، أن يفتح الأبواب أمام عودة الفتنة، مع بروز شعارات الحرب الأهلية التي اعتقد الشعب اللبناني أنها أصبحت وراءه . وكم كان مشهداً مقيتاً في أن يصار إلى إطلاق المواقف المتطرفة التي أعادت إلى الأذهان مخلفات مرحلة لا يريد اللبنانيون أن يستعيدوها، في ظل أوضاعهم السيئة التي لا يحسدهم عليها، لا عدو ولا صديق.

ولا تخفي مصادر متابعة، حجم التداعيات التي أرخت بثقلها على المشهد الداخلي بعد تفجر أزمة الساعة، لأن ما جرى كشف مدى الاستسهال الذي تدار به شؤون الناس في هذا البلد . وكيف يتم تجاهل الأنظمة والقوانين والقفز فوقها عند كل استحقاق"، إذ أنه لم يكن ينقص لبنان واللبنانيين، إلا استعادة المشاهد الطائفية والفئوية التي استحضرت أجواء الفتنة، بدليل تسعير الخطاب الطائفي على طول مساحة الوطن، مع ما كان يمكن أن ينجم عن ذلك من تداعيات بالغة السلبية، كان يمكن أن تجرف معها الجميع إلى مهاوي سحيقة، ستزيد بالتأكيد من حجم المأساة على مختلف المستويات .

وتشدد أوساط نيابية بارزة، كما تقول ل"موقع اللواء"، أن "لا سبيل لمعالجة هذا التخبط وهذه العشوائية في الاداء، إلا بالسير نحو انتخاب رئيس جديد للجمهورية، على ما يؤكده رئيس حكومة تصريف الأعمال في كل مناسبة"، مشددة على أنه "طالما استمر الشغور الرئاسي، فسيبقى الارتجال سيد الموقف، مع ما له من انعكاسات ليست في مصلحة البلد والناس . وهذا من شأنه في حال استمراره أن يبقي الأمور على هذا النحو من الانهيار المتسارع الذي يطال كل القطاعات" . وأشارت إلى أن هناك أطرافاً تعمل من أجل استغلال الشغور، بهدف إشعال فتيل الفتن الطائفية والمذهبية بين اللبنانيين، على غرار المواقف المتهورة التي يطلقها بعض المسترئسين الجدد، ولو على حساب الشعب ومصالحه" .

وسط هذه الأجواء القاتمة التي لا تبشر بالخير، في بلد لم يتعلم من دروس الماضي، كان لافتاً الاتصال الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وما عبرا خلاله عن "قلق مشترك حيال الوضع في لبنان وكررا عزمهما على العمل معا للمساعدة في إخراج البلاد من الأزمة العميقة التي تمر بها".

ويأتي هذا الاتصال ، بعد الاجتماع الثنائي بين الوفدين الفرنسي والسعودي، والذي لم يخرج بنتائج حاسمة على صعيد معالجة الملف الرئاسي في لبنان، في وقت يواصل سفير خادم الحرمين الشريفين وليد البخاري والسفيرة الفرنسية آن غريو، حراكهما على القيادات السياسية، في مؤشر يعكس اهتمام الرياض وباريس، في إخراج لبنان من هذا المأزق الذي يتهدده، حيث شدد السفير البخاري، على "أهمية انتخاب رئيس للجمهورية سيادي إنقاذي بعيد من الفساد السياسي والمالي ويحمل برنامجا إنقاذيا واضحا، وتكليف رئيس حكومة يمتلك المواصفات ذاتها لتشكيل حكومة فاعلة قادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة وانتشال البلد من أزماته". 

وقد أثار الاتصال بين الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي، ارتياحاً في الأوساط اللبنانية، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على استمرار الاهتمام الفرنسي السعودي بلبنان، والعمل تالياً على إخراجه من أزمته، بتعبيد الطريق أمام انتخاب رئيس للجمهورية جامع، يأخذ بعين الاعتبار مصالح لبنان العربية والدولية. وأن باريس والرياض مستمرتان في مساعيهما لتقريب المسافات بين اللبنانيين، بما يسهل إنجاز الاستحقاق الرئاسي في وقت قريب، شريطة أن يتواكب ذلك مه جهود لبنانية صادقة من أجل التوافق على انتخاب الرئيس العتيد الذي يستطيع أن يكسب ثقة المجتمع الدولي، ويعيد الجسور مع الأشقاء والأصدقاء . وهو ما تشدد عليه القيادتان الفرنسية والسعودية في مساعيهما الحثيثة لإنقاذ اللبنانيين .