بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 نيسان 2024 12:00ص بعبدا بعد غزة ثم التفرغ للنزوح السوري

حجم الخط
د. حسن محمود قبيسي

في صراعنا مع العدو الصهيوني كانت معارك وحروب، كانت تتوقف وتحدّد النقاط مَن المنتصر ومن المهزوم.
قام الكيان الصهيوني وما كانت الضربة القاضية، فالصراع يستعرّ وقد لا تنهيه سوى حرب على مستوى المنطقة كلها.
صوّرت الحركة الصهيونية فلسطين أرض أمان لليهودي وللتلمودي، فإذا بعملية السابع من أكتوبر 2023 وبصرف النظر عن نتائجها المرحلية، وهي دائماً تجدد المدّ الثوروي فكراً ونضالًا وجهاداً: سلسلة انقلابات وثورات بعد نكبة 1948 أكثرها تأثيراً انقلاب 23 تموز/ يوليو 1952، وبعد العدوان الثلاثي على مصر 1956، تحوّلت فرنسا وبريطانيا من دول عظمى إلى دول من الدرجة الثانية أو الثالثة تابعة للولايات المتحدة الأميركية وأسقط جمال عبد الناصر مشروع رئيسها أيزنهاور.
وبعد نكسة 1967 انطلقت منظمات الثورة الفلسطينية في حرب شعبية ما زالت قائمة بمعارك متقطعة حتى اليوم، وشهد السودان وليبيا انقلابين انحرافاً بعد رحيل عبد الناصر وتراجع دور مصر، كما وكانت حرب الاستنزاف فحرب تشرين/ اكتوبر. انتصرت الثورة الإسلامية في إيران بأهدافها الداخلية ونصرتها لقضية فلسطين. وبعد العدوان على لبنان صيف 1982 تشكّلت المقاومة الإسلامية في لبنان واشتدّ عود المقاومة الوطنية، وكانت حماس...
وواقع اليوم: لا أمان لمحتل ولا لغاصب.
الهجرات إلى فلسطين كانت نقاط أسهمت ديموغرافياً بنكبة 1948. والهجرات اليوم المتتالية من فلسطين نقاط لصالح العربي الفلسطيني.
عادت الحرب إلى أرض فلسطين وفوقها، كما قبل النكبة، ولم تعد تتوقف عند حدود الكيان الصهيوني التوسعية. وهذه نقطة جديدة.
دمّر العدو الصهيوني غزة ويشنُّ حرب إبادة فيظهر على حقيقته، يُقهر ويُقهر ويُقهر؛ ففرنسا وإنكلترا شاركاه في عدوان 1956، والولايات المتحدة الأميركية ساندته قواتها البحرية في عدوان حزيران 1967، وفي حرب 1973، والحلف الأطلسي بقواه الكبرى حَمَاه من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية.
والفيتو الأميركي يراكم انحيازاً معيباً في سجل إدارتها، وشعبية بايدن إلى تراجع لانحيازه الأعمى لـ«إسرائيل» ضد مصالح بلاده.
فأين وصلنا، والحروب بنتائجها السياسية لا بمجرياتها العسكرية وحدها.
الرأي العام العالمي لم تعد تنطلي عليه كذبة العداء للسامية، فالتلموديون - وجُلّهم أميركيون وأوروبيون وبينهم أفارقة - ليسوا ساميين، والساميون هم العرب. ولم يعد أحرار العالم الواعيين يصدقون أن «إسرائيل تدافع عن نفسها» وهي تبيد الشعب الفلسطيني واستلحاقاً أسراها عنده (ظهر بعضهم يتوسل حكومته لإنقاذه)، وتدمر كل ما تطاله آلتها الحربية في فلسطين وأراضي لبنانية، مما استدعى ويستدعي ردوداً من العراق واليمن ولبنان.
تباطئ حركة «التطبيع» بين العدو الصهيوني وأنظمة عربية، وتوتر العلاقات مع مصر، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين العدو الصهيوني ودول عالمية.
إعاقة حركة الملاحة والتجارة العالمية في البحر الأحمر.
وجامعات أميركا وأوروبا تعيدنا إلى وقفات طلابها وأساتذتها وتوقيفات المئات منهم التي أنهت - إضافة إلى بطولات شعبها - التي أنهت حرب فيتنام.
واستقالات وفرار والعمل على تقديم نتنياهو و شركائه إلى العدالة الدولية وإصدار مذكرات توقيف بحقهم من المحكمة الجنائية الدولية، بعد تقديم دولة جنوبي أفريقيا شكوى ضد الكيان الصهيوني.
نقاط كلها قيمة مضافة ومتراكمة، بانتظار ضربة قاضية تقتلع الكيان الصهيوني التلمودي، هذا على صعيد المنطقة.
أما على صعيد لبنان ففي الأسبوع الذي تُوقّع فيه اتفاقية لوقف العمليات الحربية بين العدو  الصهيوني من جهة وغزة وأخواتها من جهة أخرى، و تعزيز الـ1701 وفق موازين القوى الجديدة والمستجدة، يُسمّى - وعلى عجل - رئيس جديد للجمهورية في لبنان «لا يكسر أحداً، وعلى مسافة واحدة من الجميع في لبنان وفي محيطه العربي والعالم، ولا يطعن المقاومة»؛ وأولى نشاطاته توقيع تلك الاتفاقية باسم لبنان، تماشياً مع الدستور الذي يوجب ذلك...
وبعدها يُبحث في موضوع النزوح السوري الذي فشلت الدول المانحة بجعله ورقة ضغط على القيادة السورية، وتحوّل إلى مبعث أحقاد وتحريض باستغلال إجرام سوريين - والجرم جنحة أو جناية طبيعة بشرية -، وعنصرية واستجداء شعبوية، وتوجس اللبنانيون منه شراً، وكان عنواناً وحيداً لتوحّدهم بمواجهته والتخلص منه. وكلما تقارب «فخامته» مع المانحين وراعيهم الأميركي؛ كلما سُرِعَت عودتهم.
هي خريطة الطريق فلا تنتظروا سواها؛ لا الزيارات ولا الوساطات ولا الأوراق والاقتراحات، ولا المؤتمرات ولا اللقاءات ولا التصريحات ولا الخطابات ولا العظات ولا العنتريات ولا النفاق، ولا الداتا المجتزئة تفرض أو تسهّل مخارج، فكلها استطرادات في خانة «لزوم ما لا يلزم»...

مؤرّخ