تواصل مراوحة تأليف الحكومة دورها في ظل استمرار تحميل المسؤوليات بين هذا الفريق وذاك وصولاً إلى المستجدات الأخيرة والتي كان لها الأثر السلبي على خط التأليف وتحديداً القمة الاقتصادية العربية التي ستعقد في بيروت والتي شكلت مادة خلافية بين المسؤولين اللبنانيين على خلفية دعوة سوريا للمشاركة في أعمال هذه القمة والمسألة لا زالت حتى الآن تدور في حلقة مفرغة وسط تجاذبات سياسية رفعت من مستوى الانقسامات بين الأطراف والقوى والأحزاب اللبنانية، وكل ذلك وفق المطلعين على خط المساعي الهادفة لتشكيل الحكومة له تأثيره على هذا التأليف الذي بات يحتاج إلى معجزة كبيرة حتى أن بعض المسؤولين المواكبين لمسار الأوضاع في لبنان يؤكد بأن العوامل الخارجية باتت تتداخل في التأليف الحكومي وخصوصاً الخلاف الناشئ بين المكونات السياسية حول دعوة سوريا وعدمها للمشاركة في قمة بيروت الاقتصادية.
وفي سياق متصل بات واضحاً أن الهجوم على الرئيس المكلف سعد الحريري من قبل قيادات حزب الله حول تحميله مسؤولية التشكيل ورمي الكرة في ملعبه، فذلك كان له الأثر السلبي على خط التشكيل لأن ذلك لم يأت صدفة أو أنه مجرد موقف سياسي بل يدل على اتجاه لتأجيل هذه الولادة الحكومية وربما أكثر من ذلك بمعنى دفع الرئيس المكلف للاعتذار في ظل الوضع الإقليمي المأزوم والتصعيد السياسي حول قمة بيروت الاقتصادية مما يؤشر إلى أن لبنان دخل في هذه القضية إلى حد يذكر بمرحلة ما بعد العام 2005 أي ما بعد استشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث دخل لبنان في انقسام سياسي عامودي والآن الأمور عادت إلى المربع الأول سياسياً مما ينعكس على كل المسارات السياسية والاقتصادية وسواهما وتحديداً تشكيل الحكومة.
من هنا تتوقع أكثر من جهة سياسية، وفق المعلومات المتوفرة، عدم ولادة الحكومة في هذه المرحلة إلى حين تبلور كيف سيكون عليه الوضع العربي العام بعد عودة بعض السفارات إلى دمشق ومن ثم إلى ما سترسو إليه قمة بيروت الاقتصادية وتحديداً دعوة سوريا للمشاركة فيها، إلى حل المعضلات الأخرى ولا سيما توزير أحد سنّة المعارضة أضحى تفصيلاً بسيطاً بعد التطورات الأخيرة في المنطقة والتحولات والمتغيرات الجارية حالياً مما يدفع لبنان إلى حالة انتظار جديدة خصوصاً تأجيل الانسحاب الأميركي من سوريا، فكل هذه الأمور باتت تشكل عائقاً أساسياً أمام التأليف، إضافة إلى الحملات التي تطاول الرئيس المكلف فهذه المعمعة مرشحة للتفاعل على وقع التجاذبات السياسية القائمة حالياً والتي ستتفاعل وفق المتابعين والمواكبين لمجريات الاتصالات القائمة حول دعوة سوريا بانتظار قرار الجامعة العربية النهائي والتي جرى تأجيلها وفق معلومات دقيقة نظراً لتأثيره على الانقسام السياسي الداخلي اللبناني مما يؤكد بأن هناك سقوفا جديدة فرضت نفسها لتشكيل الحكومة لم تعد القضية معلقة على هذا الوزير وذاك إلا في حال حصل دعم إقليمي ودولي وأفرج عن كل هذه العقبات وذلك مستبعد في هذه المرحلة نظراً لجملة اعتبارات وظروف سياسية عديدة تتحكم بمسار تأليف الحكومة وبالأوضاع الاقتصادية في المنطقة، ما يعني أن الكلام عن تعويم حكومة تصريف الأعمال قد يكون هو المدخل لكل هذه الأزمات.
لذا يبقى أن الأيام المقبلة ستكون صعبة محلياً وإقليمياً ولبنان يعيش ظروفاً قاسية على خط المسارات الاقتصادية والأزمات المالية والمعيشية في ظل ترهل المؤسسات والمعالجات والانقسامات السياسية وهذا ما دفع برئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى تعويم حكومة تصريف الأعمال كونه يدرك خطورة الأرقام المالية والوضع المالي بشكل عام من خلال ما يرفعه له وزير المال علي حسن خليل، ما يؤكد أن ما توقعه البعض من كثافة اتصالات بعد الأعياد من تشكيل الحكومة لم يكن بمكانه.